كتاب المقصد الأسنى

لفظ التَّسْمِيَة مُشْتَركا بَين وضع الِاسْم وَبَين ذكر الِاسْم وَإِن كَانَ الْأَشْبَه أَنه أَحَق بِالْوَضْعِ مِنْهُ بِالذكر
وَيجْرِي الِاسْم وَالتَّسْمِيَة والمسمى مجْرى الْحَرَكَة والتحريك والمحرك والمحرك وَهَذِه أَرْبَعَة أسام متباينة تدل على معَان مُخْتَلفَة فالحركة تدل على النقلَة من مَكَان إِلَى مَكَان والتحريك يدل على إِيجَاد هَذِه الْحَرَكَة والمحرك يدل على فَاعل الْحَرَكَة والمحرك يدل على الشَّيْء الَّذِي فِيهِ الْحَرَكَة مَعَ كَونه صادرا من فَاعل لَا كالمتحرك الَّذِي لَا يدل إِلَّا على الْمحل الَّذِي فِيهِ الْحَرَكَة وَلَا يدل على الْفَاعِل
فَإِذا ظهر الْآن مفهومات هَذِه الْأَلْفَاظ فَلْينْظر هَل يجوز أَن يُقَال فِيهَا إِن بَعْضهَا هُوَ الْبَعْض أَو يُقَال إِنَّه غَيره
وَلَا يفهم هَذَا إِلَّا بِمَعْرِِفَة معنى الغيرية والهوية
وَقَوْلنَا هُوَ هُوَ يُطلق على ثَلَاثَة أوجه
الْوَجْه الأول يضاهي قَول الْقَائِل الْخمر هِيَ الْعقار وَاللَّيْث هُوَ الْأسد وَهَذَا يجْرِي فِي كل شَيْء هُوَ وَاحِد فِي نَفسه وَله اسمان مُتَرَادِفَانِ لَا يخْتَلف مفهومهما الْبَتَّةَ وَلَا يتَفَاوَت بِزِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَإِنَّمَا تخْتَلف حروفهما فَقَط وأمثال هَذِه الْأَسْمَاء تسمى مترادفة
الْوَجْه الثَّانِي يضاهي قَول الْقَائِل الصارم هُوَ السَّيْف والمهند هُوَ السَّيْف وَهَذَا يُفَارق الأول فَإِن هَذِه الْأَسَامِي مُخْتَلفَة المفهومات وَلَيْسَت مترادفة لِأَن الصارم يدل على السَّيْف من حَيْثُ هُوَ قَاطع والمهند يدل على السَّيْف من حَيْثُ نسبته إِلَى الْهِنْد وَالسيف يدل دلَالَة مُطلقَة من غير إِشَارَة إِلَى غير ذَلِك وَإِنَّمَا المترادفة هِيَ الَّتِي تخْتَلف حروفها فَقَط وَلَا تَتَفَاوَت بِزِيَادَة وَلَا نُقْصَان فلنسم هَذَا الْجِنْس متداخلا إِذْ السَّيْف دَاخل فِي مَفْهُوم الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة وَإِن كَانَ بَعْضهَا يُشِير مَعَه إِلَى زِيَادَة

الصفحة 28