كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

5 – المؤمن
قال الزجاج: أصل الإيمان التصديق والثقة: وقال الله عز وجل: {وما أنت بمؤمن لنا} يوسف 17، أي لفرط محبتك ليوسف لا تصدقنا. فهذا بمعنى التصديق، والمعنى الآخر هو الأمان الذي ضده الإخافة قال تعالى: {وآمنهم من خوف} (¬1) قريش 4، وقد وردت في آية واحدة {السلام المؤمن المهيمن} الحشر 23. قال ابن جرير: المؤمن الذي يؤمن خلقه من ظلمه، ويروى عن ابن عباس -رضي الله عنه- المؤمن الذي أمن خلقه أن يظلمهم (¬2) وقال الغزالي: المؤمن، الذي يعزى إليه الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسده طرق المخاوف ولا يتصور أمن وأمان إلا في محل الخوف والمؤمن المطلق: هو الذي لا يتصور أمن وأمان إلاّ ويكون مستفاداً من جهته، وهو الله سبحانه وتعالى. (¬3)
وقال السعدي (¬4) - رحمه الله- المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال وبكمال الجلال والجمال الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان، ويدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به. (¬5)
ويقال أيضاً ما قيل في السلام من أنه سمى نفسه وسمى بعض خلقه فلا منافاة، فالمؤمن من اتصف بالإيمان فلا حرج في تسمي غير الله بهذا الاسم.
¬__________
(¬1) شرح الأسماء الحسنى - للزجاج صـ 31
(¬2) تفسير الطبري 28/ 36.
(¬3) المقصد الأسنى ص 70.
(¬4) عبدالرحمن بن ناصر السعدي، مفسر من علماء الحنابلة، مولده ووفاته في القصيم، له [التفسير المشهور: تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن] (ت 1376 هـ) الأعلام (3/ 340).
(¬5) تفسير السعدي 5/ 301. وانظر التوحيد لابن منده 2/ 68.

الصفحة 104