كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

"لا حاجة إلى تخطئة الرواة الثقات بل حكمه حكم سائر المتشابهات فإما أن يفوض وإما أن يؤول (¬1) " هذا ما يراه الكرماني ولا يُسلم له.
ومثله الحافظ -رحمه الله- فقد تعقب الخطابي بأنه لم يراجع باقي الروايات الصحيحة وأن طعنه في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما رووا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث وهو يقتضي قصور في علم من فعل ذلك منهم. (¬2)
وقال الإمام النووي -رحمه الله-: (لا شخص) أي لا أحد، وإنما قال لا شخص استعارة ومعناه لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله ولا يتصور ذلك منه. (¬3)
وإلى مثل هذا ذهب البيهقي -رحمه الله- فقد ساق كلام الخطابي وارتضى أن يكون لفظ (لا شخص) تصحيفاً ثم قال: ولو ثبتت هذه اللفظة لم يكن فيها ما يوجب أن يكون الله شخصاً، فإنما قصد إثبات صفة الغيرة لله تعالى والمبالغة فيه، وأن أحداً من الأشخاص لا يبلغ تمامها. ونقل البيهقي مثل ذلك عن أبي بكر الإسماعيلي (¬4) بأنه لا يوجب بأن الله شخص. (¬5)
واسند لذلك بأن قوله (ما خلق الله شيئاً أعظم من آية الكرسي) ليس فيه إثبات خلق آية الكرسي، وليس فيه إلا أن لا خلق في العِظم كآية الكرسي، لا أن آية الكرسي مخلوقة (¬6)، وبهذا قال ابن فورك وأخذه عنه ابن بطال.
¬__________
(¬1) (25/ 128) الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني (25/ 128).
(¬2) فتح الباري (13/ 401) بتصرف.
(¬3) شرح صحيح مسلم (10/ 103).
(¬4) أحمد بن إبراهيم إسماعيل، حافظ جمع بين الفقه والحديث ورياسة الدين والدنيا، (ت 371 هـ) الأعلام (1/ 86).
(¬5) الأسماء والصفات صـ 366.
(¬6) المصدر السابق، وهذا المثال محل نظر والله أعلم.

الصفحة 121