كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري
وقال ابن فورك بالمنع لهذا الإطلاق لعدم ثباته عنده من طريق السماع وللإجماع على منعه ولأن معناه يقتضي الجسمية.
وقال بالإجماع أيضاً ابن بطال، فقال: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص.
ونقل عن القاضي عياض (¬1) -رحمه الله- أنه لا إشكال في قوله (لا شخص) لأنه ربما وقع تجوزاً من (شيء) أو (أحد) وقال: قد يكون المراد بالشخص المرتفع؛ لأن الشخص هو ما ظهر وشخص وارتفع، فيكون المعنى لا مرتفع أرفع من الله كقوله (لا متعالي أعلى من الله) وله توجيه آخر وهو: لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله، وبمثله قال القرطبي (¬2)
وأما من يسوق هذا اللفظ من غير تأويل فالإمام عبيد الله القواريري (¬3) راوي الحديث في المسند -رحمه الله- قال عبد الله بن أحمد بعد ذكره لهذا الحديث: قال عبيد الله القواريري: “ليس حديث أشد على الجهمية من هذا الحديث (¬4) ”.
ورواه الإمام الدارمي في سننه ساكتاً عنه. (¬5)
وبوب له الإمام الحافظ ابن أبي عاصم (¬6) في كتابه [السنة] وساق للحديث إسنادين صحيحين على شرط الشيخين كما قال الألباني. (¬7)
¬__________
(¬1) عياض بن موسى اليحصبي، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته (ت 544 هـ)، الأعلام (5/ 99).
(¬2) انظر الأقوال السابقة في فتح الباري (13/ 413).
(¬3) عبيد الله بن عمر بن ميسرة الإمام الحافظ، محدِّث الإسلام، روى له البخاري ومسلم وأبوداود وكتب عنه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل (ت 235 هـ) سير أعلام النبلاء (11/ 442).
(¬4) المسند 4/ 248.
(¬5) سنن الدارمي 2/ 73.
(¬6) أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني يقال له ابن النبيل، عالم بالحديث له ثلاث مائة مصنف، (ت 287 هـ) الأعلام (1/ 189).
(¬7) السنة لابن أبي عاصم صـ 230 - 231.