كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

وحديث أبي موسى -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا، فقال: " اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، تدعون سمعياً بصيراً قريباً".
وحديث عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن جبريل عليه السلام ناداني قال: إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك"
ومناسبة الأحاديث للترجمة واضحة إن لله سمعاً حقيقياً ثم أورد حديث أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلاّ أنت فاغفر لي من عندك مغفرة إنك أنت الغفور الرحيم).
فمناسبته والله أعلم كما قال ابن بطال: أن دعاء أبي بكر يقتضي أن الله سميع لدعائه ومجازيه عليه، وقال غيره لما كان بعض الذنوب مما يسمع وبعضها مما يبصر لم تقع مغفرته إلا بعد السمع والإبصار. (¬1)
وقال ابن المنير: لولا أن سمع الله يتعلق بالسر وأخفى لما أفاد الدعاء في الصلاة سراً. (¬2)
وقال الغنيمان: والمقصود من الحديث في هذا الباب أن المدعو لابد أن يكون سميعاً يسمع دعوة الداعي إذا دعاه بصيراً بحاله يوصل إليه ما طلب بقدرته وإلاّ تكون دعوته ضلال وسدى. (¬3)
¬__________
(¬1) الفتح 13/ 387.
(¬2) المتواري لإبن المنير صـ 415.
(¬3) شرح كتاب التوحيد 1/ 196.

الصفحة 146