كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

وأشار إلى النوع الثاني من الإرادة وهي الدينية الأمرية والتي تتضمن الأمر والمحبة والرضى بقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (¬1) البقرة 185.
وأما الأحاديث فسأبين الشاهد منها على وجه الاختصار لطولها فمنها:
حديث أنس (ولا يقولن أحدكم إن شئت فأعطني فإن الله لا مستكره له) فيه أن تعليق الدعاء بالمشيئة يشعر بأن الله يعطي ما لا يريد كما يحصل لابن آدم وهذا لا يجوز اعتقاده لأن ليس بعد المشيئة إلا الإكراه، والله لا مكره له. (¬2)
والحديث الثاني: حديث علي -رضي الله عنه- وفيه [إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا] فيه بيان أنه لا ينبغي معارضة الأمر بالقدر ولهذا انصرف النبي عليه الصلاة والسلام كارهاً لمقالته، وتلا قوله تعالى {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} الكهف 54، ومن إنكاره ضربه فخذه عليه الصلاة والسلام كما في الحديث.
والحديث الثالث: حديث أبي هريرة وفيه قوله [فيقصمها الله إذا شاء] وهي معنى المشيئة النافذة السابقة أي في الوقت الذي سبقت إرادته إن يقصمها فيه.
الحديث الرابع: حديث ابن عمر وفيه [ذلك فضلي أوتيه من أشاء] وهذا رد على المعتزلة إذ الإشارة بقوله [ذلك فضلي] إلى جميع الثواب لا إلى القدر الذي يقابل العمل كما يقوله المعتزلة واثبت مشيئة في فعله لا في فعل العبد. (¬3)
¬__________
(¬1) شرح كتاب التوحيد للغنيمان 1/ 252 بتصرف.
(¬2) ويدخل في ذلك الدعاء المشهور وليس بحديث [اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه] فهذا من جنس ما نهى عنه الحديث لقوله عليه الصلاة والسلام [لا يرد القدر إلاّ الدعاء] رواه الترمذي 2/ 20، ولأن في صيغة هذا الدعاء ما يشعر أنه أمر كبير على الله إن يرد القضاء بالدعاء، أو بمعنى لا يهمني الفقر أو المرض ولكن الطف فيه وهذا خطأ. شرح كتاب التوحيد لإبن عثيمين صـ 155.
(¬3) انظر المناسبات في الفتح 13/ 459 وشرح التوحيد للغنيمان 2/ 256 وابن عثيمين صـ 158، والفتاوى لشيخ الإسلام 8/ 244، والشريعة للآجري صـ 150 وما بعدها.

الصفحة 167