كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

المطلب الثاني: نشأته وسيرته العلمية
نشأ الإمام البخاري - رحمه الله- يتيماً في حجر أمه هو وأخوه أحمد، وقد ابتلي -رحمه الله- بفقد البصر صغيراً ثم رد الله بصره، فقد رأت أمه في المنام إبراهيم عليه السلام، فقال لها: يا هذه قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو لكثرة دعائك. فأصبح وقد رد بصره. (¬1)
وربما عاوده هذا البلاء في أثناء طلبه للعلم قال مرة: لما بلغت خرا سان أصيب بصري فعلمني رجل أن أحلق رأسي وأغلفه بالخطمي (¬2) ففعلت فرد الله علي بصري. (¬3)
وقد سأله وراقه محمد بن أبي حاتم (¬4) عن نشأته في طلب العلم، فأجاب عن نفسه فقال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب، قال: كم كان سنك؟ فقال: عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر.
قال: وكنت أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي، فإذا جئت استحي أن أسلم عليهم، فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبت اليوم؟ فقلت: اثنين أردت بذلك حديثين، فضحك من حضر المجلس، فقال شيخ منهم: لا تضحكوا، فلعله يضحك منكم يوماً.
قال: وكنت أختلف إلى الداخلي (¬5) وغيره. فقال يوماً فيما يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني، فقلت له ارجع إلى
¬__________
(¬1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 10.
(¬2) ضرب من النبات يغتسل به، لسان العرب 2/ 862.
(¬3) طبقات الشافعية للسبكي 2/ 216.
(¬4) محمد بن أبي حاتم البخاري: أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الورَّاق النحوي.
(¬5) الداخلي: لم أجد له ترجمة.

الصفحة 20