كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

قال الحافظ: وغرضه هنا الرد على من لم يفرق بين التلاوة والمتلو وقال: باب {لا تحرك به لسانك لتعجل به} القيامة 16، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ينزل الوحي وذكر حديث ابن عباس كان يعالج من شدة التنزيل وكان يحرك شفتيه: فانزل الله {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرأنه} قال: جمعه في صدرك ثم تقرؤه فإذا قرأناه فاتبع قرأنه
قال الحافظ: " وهذا من أوضح الأدلة على أن القرآن يطلق ويراد به القراءة فان المراد بقوله {قرأنه} في الآيتين القراءة لا نفس القرآن.
وقال: باب {واسروا قولكم أو اجهروا به} الملك 13، وفيه نزل قوله {ولا تجهر بصلاتك} الإسراء 110، أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن - الحديث.
قال ابن المنير: إنما قصد البخاري الإشارة إلى النكتة التي كانت سبب محنته بمسألة اللفظ فأشار بالترجمة إلى أن تلاوة الخلق تتصف بالسر والجهر وذلك يستدعي كونها مخلوقه (¬1) ومثل ذلك في الباب الذي يليه، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار ورجل يقول لو أتيت مثل ما أوتى هذا فعلت مثل ما يفعل.
قال البخاري: فبين أن قيامه بالكتاب فعله (¬2) ثم قال وقال تعالى: {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم والوانكم} الروم 22، قال البخاري بعد هذه الآية في خلق أفعال العباد: فمنها العربي ومنها العجمي فذكر اختلاف الألسنة والألوان وهو كلام العباد (¬3) وهكذا في جملة أبواب يبين فيها كلها إن القراءة فعل القاري ومتصفة بما تتصف الأفعال به ومتعلقة بالظروف المكانية والزمانية أسوة بالأفعال كلها، وقد ختم رحمه الله صحيحه
¬__________
(¬1) المتوارى على تراجم ابواب البخاري لابن المنير ص 428
(¬2) وبنفس هذا نص في خلق افعال العباد ص 118
(¬3) المرجع السابق ص 118

الصفحة 236