كتاب مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري
وقال السعدي -رحمه الله تعالى-: (الرزاق) لجميع عباده فما من دآبة إلاّ على الله زرقها، ورزقه لعباده نوعان:
1 - رزق عام شمل البر، والفاجر، والأولين والآخرين، وهو رزق الأبدان.
2 - الرزق الحلال: وهو رزق القلوب وتغذيتها بالعلم والإيمان والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين، وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته. (¬1)
وقد أنكر الله تعالى على المشركين عبادتهم للأوثان والأصنام مع إنها لا تملك لهم رزقاً فقال: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون} النحل 73، ومثله قوله تعالى: {الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركاءكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون} الروم 40، أي لا يقدر شركاؤكم على شيء من ذلك، بل لو أمسك الله سبحانه الرزق عن الناس، فلا يملك أحدٌ أن يفتحه عليهم من دون الله، كقوله {أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه} (¬2) الملك 21، ورزقه تبارك وتعالى بلا مشقة ولا كلفة ولا تخصيص لأحد دون أحد، بل {الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز} الشورى 19، ومنه حديث الباب عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما أحد أصبر على أذىً سمعه من الله يدّعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم) ومعناه أن الله واسع الحلم حتى مع الكافر الذي ينسب له الولد فهو يعافيه ويرزقه.
¬__________
(¬1) تفسير السعدي 5/ 302.
(¬2) انظر نحوه في تفسير الطبري 29/ 6.