كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 1)

أَخْبَرَنَا مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ عَبْدًا فَيَقُولُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخَلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا آجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا" قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ عَزَمَ اللَّهُ لِي فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَاخَلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1)
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ فِي الْمُصِيبَةِ مَا أُعْطِيَ هَذِهِ الْأُمَّةُ يَعْنِي الِاسْتِرْجَاعَ وَلَوْ أُعْطِيَهَا أَحَدٌ لَأُعْطِيَهَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَا تَسْمَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ" (84-يُوسُفَ)
{أُولَئِكَ} أَهْلُ هَذِهِ الصِّفَةِ {عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} صَلَوَاتٌ أَيْ رَحْمَةٌ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَرَحْمَةٌ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَأْكِيدًا وَجَمِيعُ الصَّلَوَاتِ، أَيْ: رَحْمَةٌ بَعْدَ رَحْمَةٍ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} إِلَى الِاسْتِرْجَاعِ وَقِيلَ إِلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَقِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ الْعَدْلَانِ وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ (2) فَالْعَدْلَانِ الصَّلَاةُ وَالرَّحْمَةُ، وَالْعِلَاوَةُ الْهِدَايَةُ.
وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي ثَوَابِ أَهْلِ الْبَلَاءِ وَأَجْرِ الصَّابِرِينَ مِنْهَا مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُبَابِ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ" (3) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ" (4) .
__________
(1) أخرجه مسلم: في الجنائز - باب: ما يقال عند المصيبة: برقم (918) 2 / 632-633. والمصنف في شرح السنة: 5 / 293-294.
(2) أخرجه الواحدي في الوسيط بسنده عن عمر رضي الله عنه: 1 / 226. وقال القرطبي في التفسير: 2 / 177: "أراد بالعدلين: الصلاة والرحمة؛ وبالعلاوة: الاهتداء.
(3) رواه البخاري: في المرضى - باب: ما جاء في كفارة المرض: 10 / 103 والمصنف في شرح السنة: 5 / 232.
(4) رواه البخاري: في المرضى - باب: ما جاء في كفارة المرض: 10 / 103 مسلم: في البر والصلة - باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه برقم (2573) 4 / 1993. والمصنف في شرح السنة: 5 / 233.

الصفحة 170