كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 2)

عَجَلَتَهُ وَقِيلَ: حَمَلَهُمْ عَلَى الزَّلَةِ وَهِيَ الْخَطِيئَةُ وَقِيلَ: أَزَلَّ وَاسْتَزَلَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، {بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} أَيْ: بِشُؤْمِ ذُنُوبِهِمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ: بِتَرْكِهِمُ الْمَرْكَزَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا كَسَبُوا هُوَ قَبُولُهُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا وَسْوَسَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْهَزِيمَةِ، {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) }
{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) }
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا} يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ، {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ} فِي النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ وَقِيلَ: فِي النَّسَبِ، {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} أَيْ: سَافَرُوا فِيهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، {أَوْ كَانُوا غُزًّى} أَيْ: غُزَاةً جَمْعُ غَازٍ فَقُتِلُوا، {لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ} يَعْنِي: قَوْلَهُمْ وَظَنَّهُمْ، {حَسْرَةً} غَمًّا {فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " يَعْمَلُونَ " بِالْيَاءِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ.
{وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ} قَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " مِتَّمْ " بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالضَّمِّ فَمَنْ ضَمَّهُ فَهُوَ مِنْ مَاتَ يَمُوتُ كَقَوْلِكَ: مِنْ قَالَ يَقُولُ قُلْتُ بِضَمِّ الْقَافِ وَمَنْ كَسَرَهُ فَهُوَ مِنْ مَاتَ يَمَاتُ كَقَوْلِكَ مِنْ خَافَ يَخَافُ: خِفْتُ، {لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ} فِي الْعَاقِبَةِ، {وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} مِنَ الْغَنَائِمِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ، "تَجْمَعُونَ") بِالتَّاءِ لِقَوْلِهِ {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ} وَقَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ {يَجْمَعُونَ} بِالْيَاءِ يَعْنِي: خَيْرٌ (1) مِمَّا يَجْمَعُ النَّاسُ.
{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} فِي الْعَاقِبَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: فَبِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ" مَا ") صِلَةٌ كَقَوْلِهِ {فَبِمَا نَقْضِهِمْ}
__________
(1) زيادةمن: (ب) .

الصفحة 123