كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 2)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُلَيْحِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْرُبَةٍ وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُورًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ" (1) ؟ .
{وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطِيَّةُ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ نَعَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ اخْرُجُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ أَرْضِكُمُ النَّجَاشِيِّ، فَخَرَجَ إِلَى الْبَقِيعِ وَكُشِفَ لَهُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَأَبْصَرَ سَرِيرَ النَّجَاشِيِّ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى عِلْجٍ حَبَشِيٍّ نَصْرَانِيٍّ (2) لَمْ يَرَهُ قَطُّ وَلَيْسَ عَلَى دِينِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (3) .
وَقَالَ عَطَاءٌ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ نَجْرَانَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا [مِنْ بَنِي حَارِثِ بْنِ كَعْبٍ] (4) اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَثَمَانِيَةٍ مِنَ الرُّومِ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ (5) .
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه البخاري في التفسير تفسير سورة التحريم باب: تبتغي مرضاة أزواجك" 8 / 657.
(2) زايدة من (ب) .
(3) قال ابن حجر: ذكره الثعلبي من قول ابن عباس وقتادة وذكره الواحدي بلا إسناد ورواه الطبري وابن عدي في ترجمة أبي بكر الهذلي واسمه سلمى وهو ضعيف عن قتادة عن سعيد ابن المسيب عن جابر دون قوله: ونظر إلى أرض الحبشة. وأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه. انظر الكافي الشاف ص (37) . وعن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على النجاشي فكبر عليه أربعا" رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني رجال الصحيح. انظر مجمع الزوائد: 3 / 38 - 39 9 / 419. تفسير ابن كثير: 1 / 440. وصلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النجاشي ثابتة في الصحيحين. انظر البخاري: 2 / 116 ومسلم: 2 / 656 - 657.
(4) زيادة من (ب) .
(5) انظر: البحر المحيط: 3 / 148.
الصفحة 155