كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 2)

سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ سَوَاءٌ كَانَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْعَمُّ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ لِلْأَبِ وَأَبْنَاؤُهُمَا وَإِنْ سَفَلُوا، وَالزَّوَجُ وَمَوْلَى الْعِتَاقِ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ، وَالْأُخْتُ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَالزَّوْجَةُ وَمُوَلَاةُ الْعِتَاقِ.
وَسِتَّةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَلْحَقُهُمْ حَجْبُ الْحِرْمَانِ بِالْغَيْرِ: الْأَبَوَانِ وَالْوَلَدَانِ، وَالزَّوْجَانِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ وَاسِطَةٌ.
وَالْأَسْبَابُ الَّتِي تُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ أَرْبَعَةٌ: اخْتِلَافُ الدِّينِ وَالرِّقُّ وَالْقَتْلُ وَعَمِّيُّ الْمَوْتِ.
وَنَعْنِي بِاخْتِلَافِ الدِّينِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمَ لَا يَرْثُ الْكَافِرَ، لِمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ الْخَطِيبُ، أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ" (1) .
فَأَمَّا الْكُفَّارُ فَيَرِثُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ مَعَ اخْتِلَافِ مِلَلِهِمْ، لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ" (الْأَنْفَالِ -73) .
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمِلَلِ فِي الْكُفْرِ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ حَتَّى لَا يَرِثَ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ الْمَجُوسِيَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى" (2) ، وَتَأَوَّلَهُ الْآخَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ مَعَ الْكُفْرِ فَكُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَتَوْرِيثُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِثْبَاتُ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ شَتَّى.
وَالرَّقِيقُ لَا يَرِثُ أَحَدًا وَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ.
وَالْقَتْلُ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
__________
(1) أخرجه البخاري في الفرائض باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم: 12 / 50، ومسلم في الفرائض برقم (1614) : 3 / 1233، والمصنف في شرح السنة: 8 / 368.
(2) أخرجه أبو داود في الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر: 4 / 181، والترمذي في الفرائض، باب ما جاء في إبطال الميراث بين المسلم والكافر: 6 / 289 وقال: إن هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث ابن أبي ليلى، وابن ماجه في الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك برقم (2731) : 2 / 911، والدارقطني في الفرائض، 4 / 75، والدارمي في الفرائض، باب ميراث أهل الشرك من أهل الإسلام، عن عمر بلفظ: لا يتوارث أهل ملتين، وبلفظ: لا يتوارث ملتان شتى: 2 / 369 - 370. وصححه الحاكم: 2 / 240، ووافقه الذهبي، وعزاه ابن حجر أيضا للنسائي وابن السكن (تلخيص الحبير: 3 / 84) . والبيهقي: 6 / 218، وسعيد بن منصور في السنن، باب الفرائض عن أسامة وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعن عمر بن الخطاب: 1 / 65 - 66، والإمام أحمد: 2 / 195 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والمصنف في شرح السنة: 8 / 365.

الصفحة 173