كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 2)
امْرَأَتِهِ حَبِيبَةَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: امْرَأَتُهُ حَبِيبَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ فَلَطَمَهَا، فَانْطَلَقَ أَبُوهَا مَعَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَقَالَ: أَفْرَشْتُهُ كَرِيمَتِي فَلَطَمَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِتَقْتَصَّ مِنْ زَوْجِهَا"، فَانْصَرَفَتْ مَعَ أَبِيهَا] (1) لِتَقْتَصَّ مِنْهُ فَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ [فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعُوا هَذَا جِبْرِيلُ أَتَانِي بِشَيْءٍ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ] (2) ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَدْنَا أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ أَمْرًا، وَالَّذِي أَرَادَ اللَّهُ خَيْرٌ"، وَرَفَعَ الْقِصَاصَ (3) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} أَيْ: مُسَلَّطُونَ عَلَى تَأْدِيبِهِنَّ، وَالْقَوَّامُ وَالْقَيِّمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْقَوَّامُ أَبْلَغُ وَهُوَ الْقَائِمُ بِالْمَصَالِحِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّأْدِيبِ.
{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} يَعْنِي: فَضَّلَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ بِزِيَادَةِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ وَالْوِلَايَةِ، وَقِيلَ: بِالشَّهَادَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ" (الْبَقَرَةِ -282) وَقِيلَ: بِالْجِهَادِ، وَقِيلَ: بِالْعِبَادَاتِ مِنَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْكِحُ أَرْبَعًا وَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا زَوْجٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: بِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ، وَقِيلَ: بِالْمِيرَاثِ، وَقِيلَ: بِالدِّيَةِ، وَقِيلَ: بِالنُّبُوَّةِ.
{وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} يَعْنِي: إِعْطَاءَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ أَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، أَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرَتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا" (4) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} أَيْ: مُطِيعَاتٌ {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} أَيْ: حَافِظَاتٌ لِلْفُرُوجِ فِي غَيْبَةِ الْأَزْوَاجِ، وَقِيلَ: حَافِظَاتٌ لِسِرِّهِمْ {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ {بِمَا حَفِظَ اللَّهَ} بِالنَّصْبِ، أَيْ: يَحْفَظْنَ اللَّهَ فِي الطَّاعَةِ، وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالرَّفْعِ، أَيْ: بِمَا حَفِظَهُنَّ اللَّهُ بِإِيصَاءِ الْأَزْوَاجِ بِحَقِّهِنَّ وَأَمْرِهِمْ بِأَدَاءِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ.
وَقِيلَ: حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِحِفْظِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ، أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ فَنْجَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسُوحِيُّ، أَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَا أَبُو مَعْشَرٍ
__________
(1) ساقط من (ب) .
(2) ساقط من (ب) .
(3) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (144) .
(4) أخرجه ابن ماجه في النكاح، باب حق الزوج على المرأة برقم (1853) : 1 / 595، وصححه ابن حبان برقم (1290) موارد الظمآن ص (314) ، وأحمد في المسند: 4 / 381 عن عبد الله بن أبي أوفى، 5 / 227 - 228 عن معاذ بن جبل، والمصنف في شرح السنة: 9 / 158.
الصفحة 207