كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 2)
الْآيَةَ (1) .
{يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} قَالَ جَابِرٌ: فَمَا رَأَيْتُ قَطُّ يَوْمًا أَقْبَحَ أَوَّلًا وَأَحْسَنَ آخِرًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبَ:
__________
(1) قال ابن حجر في الكافي الشاف ص 29: "أخرجه الطبري عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، وأخرجه ابن إسحاق في المغازي، وذكره ابن هشام فلم يذكر إسناد ابن إسحاق، وذكره الثعلبي والواحدي في أسبابه عن زيد ابن أسلم بغير إسناد". وعزاه السيوطي أيضا لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. انظر: الدر المنثور: 4 / 278 - 279، أسباب النزول للواحدي ص (149 - 150) . الطبري: 7 / 55 - 56 وسيرة ابن هشام: 2 / 556 - 557.
{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101) }
{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ} يَعْنِي: وَلِمَ تَكْفُرُونَ؟ {وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} الْقُرْآنُ، {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَمَانِ بَيِّنَانِ: كِتَابُ اللَّهِ وَنَبِيُّ اللَّهِ أَمَّا نَبِيُّ اللَّهِ فَقَدْ مَضَى وَأَمَّا كِتَابُ اللَّهِ فَأَبْقَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْعَبْدِيُّ أَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ عَوْفٍ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حِبَّانَ [عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ] (1) قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: "قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبُهُ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا: كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَخُذُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَيْهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي (2) .
قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} أَيْ: يَمْتَنِعْ بِاللَّهِ وَيَسْتَمْسِكْ بِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ، {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} طريقا وَاضِحٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ أَيْ: يُؤْمِنْ بِاللَّهِ، وَأَصْلُ الْعِصْمَةِ: الْمَنْعُ، فَكُلُّ مَانِعٍ شَيْئًا فَهُوَ عَاصِمٌ لَهُ.
__________
(1) زيادة من: ب.
(2) قطعة من حديث أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب برقم (2408) : 4 / 1873 - 1874، والمصنف في شرح السنة: 14 / 117 - 118.
الصفحة 76