كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 4)

سُورَةِ الْحِجْرِ
مَكِّيَّةٌ (1)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) } .
{الر} قِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَا اللَّهُ أَرَى (2) {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} أَيْ: هَذِهِ آيَاتُ الْكِتَابِ، {وَقُرْآنٍ} أَيْ: وَآيَاتُ قُرْآنٍ {مُبِينٍ} أَيْ: بَيَّنَ (3) الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ وَالْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ ذَكَرَ الْكِتَابَ ثُمَّ قَالَ {وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ؟
قُلْنَا: قَدْ قِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ يُفِيدُ فَائِدَةً أُخْرَى، فَإِنَّ الْكِتَابَ: مَا يُكْتَبُ، وَالْقُرْآنُ: مَا يُجْمَعُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ: التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ، وَبِالْقُرْآنِ هَذَا الْكِتَابُ.
{رُبَمَا} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ وَالْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَرُبَّ لِلتَّقْلِيلِ وَكَمْ لِلتَّكْثِيرِ، وَرُبَّ تَدْخُلُ عَلَى الِاسْمِ، وَرُبَمَا عَلَى الْفِعْلِ، يُقَالُ: رُبَّ رَجُلٍ جَاءَنِي، وَرُبَمَا جَاءَنِي رَجُلٌ، وَأَدْخَلَ مَا هَاهُنَا لِلْفِعْلِ بَعْدَهَا. {يَوَدُّ} يَتَمَنَّى {الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَالِ الَّتِي يَتَمَنَّى الْكَافِرُ فِيهَا الْإِسْلَامَ.
قَالَ الضَّحَّاكُ: حَالَةُ الْمُعَايَنَةِ (4) .
__________
(1) مكية بالاتفاق، وهو مروي عن ابن عباس وابن الزبير. انظر: الدر المنثور: 5 / 61.
(2) انظر فيما سبق: 1 / 58-59.
(3) في "ب" يبين.
(4) وفيه نظر، إذ لا يقين للكافر حينئذ بحال المسلمين. انظر: المحرر الوجيز: 8 / 279.

الصفحة 364