كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 4)

وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ فَظَلَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ يَعْرُجُونَ فِيهَا أَيْ: يَصْعَدُونَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (1) .
{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) } .
__________
(1) وهو مروي عن ابن عباس، وابن جريج، وقتادة، والضحاك، وإليه ذهب الطبري. واعتمد ابن كثير قول الحسن، وهو ما قاله ابن عطية كذلك. انظر: تفسير الطبري: 14 / 10-11 (طبع الحلبي) تفسير ابن كثير: 2 / 548، المحرر الوجيز: 8 / 288، زاد المسير: 4 / 386.
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) } .
{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ} سُدَّتْ {أَبْصَارُنَا} قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ (1) .
وَقَالَ الْحَسَنُ: سُحِرَتْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: أُخِذَتْ (2) .
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: عَمِيَتْ (3) .
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ " سُكِرَتْ " بِالتَّخْفِيفِ، أَيْ: حُبِسَتْ وَمُنِعَتِ النَّظَرَ كَمَا يُسْكَرُ النَّهْرُ لِحَبْسِ الْمَاءِ. {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} أَيْ: عُمِلَ فِينَا السِّحْرُ فَسَحَرَنَا مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} وَالْبُرُوجُ: هِيَ النُّجُومُ الْكِبَارُ، مَأْخُوذَةٌ مِنَ الظُّهُورِ، يُقَالُ: تَبَرَّجَتِ الْمَرْأَةُ أَيْ: ظَهَرَتْ.
وَأَرَادَ بِهَا: الْمَنَازِلَ الَّتِي تَنْزِلُهَا الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَالْكَوَاكِبُ السَّيَّارَةُ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا: الْحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْقَوْسُ، وَالْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ (4) .
وَقَالَ عَطِيَّةُ: هِيَ قُصُورٌ فِي السَّمَاءِ عَلَيْهَا الْحَرَسُ (5) .
__________
(1) وهو قول مجاهد والضحاك. انظر: تفسير الطبري: 14 / 12.
(2) وهما قولان متقاربان، وأخرجهما الطبري عن ابن عباس وقتادة أيضا.
(3) أخرجه الطبري: 14 / 13. وقد رجح الطبري قول من قال إن معنى ذلك: "أخذت أبصارنا وسحرت، فلا تبصر الشيء على ما هو به، وذهب حد إبصارها، وانطفأ نوره، كما يقال للشيء الحار إذا ذهبت فورته وسكن حد حره: قد سَكَر يَسْكر.
(4) وهو قول ابن عباس وأبي عبيدة وآخرين. انظر: زاد المسير: 4 / 387، الدر المنثور: 4 / 69.
(5) كان في المطبوع "ابن عطية" وكذلك في البحر المحيط، وليس هذا الكلام لابن عطية، وإنما هو "عطية" كما في زاد المسير، وهو مروي أيضا عن ابن عباس. وقال ابن قتيبة: يقال هي اثنا عشر برجا، وأصل البرج: القصر والحسن. انظر: زاد المسير: 4 / 387، مشكل القرآن لابن قتيبة: (1 / 238) من القرطين لابن مطرف، الدر المنثور: 4 / 69.

الصفحة 371