كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 5)

وَنَهَى عَنْ لُحُومِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ؛ رُوِيَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ (1) وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
{وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قِيلَ: يَعْنِي مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ لِأَهْلِهَا، وَفِي النَّارِ لِأَهْلِهَا، مِمَّا لَمْ تَرَهُ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْهُ أُذُنٌ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ يَعْنِي: السُّوسَ فِي النَّبَاتِ وَالدُّودَ فِي الْفَوَاكِهِ.
{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} يَعْنِي: بَيَانُ طَرِيقِ الْهُدَى مِنَ الضَّلَالَةِ. وَقِيلَ: بَيَانُ الْحَقِّ بالآيات والبراهين 199/أوَالْقَصْدُ: الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ.
{وَمِنْهَا جَائِرٌ} يَعْنِي: وَمِنَ السَّبِيلِ جَائِرٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ مُعْوَجٌّ، فَالْقَصْدُ مِنَ السَّبِيلِ: دِينُ الْإِسْلَامِ، وَالْجَائِرُ مِنْهَا: الْيَهُودِيَّةُ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ، وَسَائِرُ مِلَلِ الْكُفْرِ.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "قَصْدُ السَّبِيلِ": بَيَانُ الشَّرَائِعِ وَالْفَرَائِضِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَسَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: "قَصْدُ السَّبِيلِ" السُّنَّةُ، "وَمِنْهَا جَائِرٌ" الْأَهْوَاءُ وَالْبِدَعُ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ" (الْأَنْعَامِ-153) .
{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا" (السَّجْدَةِ-13) . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} تَشْرَبُونَهُ، {وَمِنْهُ شَجَرٌ} أَيْ: مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ شُرْبُ أَشْجَارِكُمْ، وَحَيَاةُ نَبَاتِكُمْ، {فِيهِ} يَعْنِي: فِي الشَّجَرِ، {تُسِيمُونَ} تَرْعَوْنَ مَوَاشِيَكُمْ.
__________
(1) أخرجه أبو داود في الأطعمة، باب في أكل لحوم الخيل: 5 / 308، وقال: "وهذا منسوخ، وقد أكل الخيل جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابن الزبير، وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبي بكر، وسويد بن غفلة، رضي الله عنهم، وكانت قريش في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تذبحها". قال المنذري: والحديث ضعيف، وانظر أيضا: 5 / 316-317، كما ضعفه المصنف كما تراه. وأخرجه أيضا: النسائي في الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحوم الخيل: 7 / 202، وابن ماجه في الموضع السابق: 2 / 1066، والدارقطني في الصيد والذبائح: 4 / 287، والإمام أحمد في المسند. ونقل السندي في تعليقه على النسائي اتفاق العلماء على تضعيف الحديث، وقال بعضهم إنه منسوخ. وانظر: تلخيص الحبير: 4 / 150-151، نصب الراية: 4 / 196.

الصفحة 11