كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 5)

قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الْقَنَاعَةُ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: يَعْنِي الْعَيْشَ فِي الطَّاعَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: هِيَ حَلَاوَةُ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هِيَ الْجَنَّةُ. وَرَوَاهُ عَوْفٌ عَنِ الْحُسْنِ. وَقَالَ: لَا تَطِيبُ الْحَيَاةُ لِأَحَدٍ إِلَّا فِي الْجَنَّةِ (1) .
{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) }
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} أَيْ: أَرَدْتَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا" (الْمَائِدَةِ-6) .
وَالِاسْتِعَاذَةُ سُنَّةٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (2) .
وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (3) .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَعْدَهَا (4) .
__________
(1) بعد أن ساق الطبري الروايات في تفسير الآية قال: "وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة، وذلك أن من قنعه الله بما قسم له من رزق لم يكثر للدنيا تعبه، ولم يعظم فيها نصبه، ولم يتكدر فيها عيشه باتباعه بقية ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها. وأما القول الذي روي عن ابن عباس: أنه الرزق الحلال، فهو محتمل أن يكون معناه الذي قلنا في ذلك من أنه تعالى يقنعه في الدنيا بالذي يرزقه من الحلال، وإن قلَّ، فلا تدعوه نفسه إلى الكثير منه من غير حله، لا أنه يرزقه الكثير من الحلال. وذلك أن أكثر العاملين لله تعالى بما يرضاه من الأعمال لم نرهم رزقوا الرزق الكثير من الحلال في الدنيا، ووجدنا ضيق العيش عليهم أغلب من السعة". انظر: تفسير الطبري: 14 / 172.
(2) قال الطبري: (14 / 173) : "وليس قوله "فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن من قرأ القرآن، ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم، قبل قراءته أو بعدها، أنه لم يضيع قرضا واجبا". وقال ابن الجوزي في زاد المسير: (4 / 490) : والاستعاذة عند القراءة سنة في الصلاة وغيرها. قال ابن عطية: (8 / 507) : وحكى النقاش عن عطاء: أن التعوذ واجب. وانظر: تفسير ابن كثير: 1 / 15، 2 / 587، المجموع للنووي: 3 / 284، والتبيان في آداب حملة القرآن للنووي ص (64-65) .
(3) انظر: تفسير الطبري: 14 / 173، القرطبي: 10 / 174-175، المحرر الوجيز: 8 / 507، أحكام القرآن لابن العربي: 3 / 1175.
(4) نقل النووي في المجموع: (3 / 284) ذلك عن أبي هريرة، وابن سيرين، والنخعي، وأن أبا هريرة كان يتعوذ بعد فراغ الفاتحة، لظاهر الآية. والصحيح هو القول الأول -قبل القراءة- للأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة. وانظر: تفسير ابن كثير: 1 / 13-15، 2 / 587، أحكام القرآن لابن العربي: 3 / 1175.

الصفحة 42