كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 5)

سُورَةُ الْإِسْرَاءِ
مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً (1) .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) }
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} سُبْحَانَ اللَّهِ: تَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَوَصْفُهُ بِالْبَرَاءَةِ مَنْ كُلِّ نَقْصٍ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ، وَيَكُونُ "سُبْحَانَ" بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ، "أَسْرَى بِعَبْدِهِ" أَيْ: سَيَّرَهُ، وَكَذَلِكَ سَرَى بِهِ، وَالْعَبْدُ هُوَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قِيلَ: كَانَ الْإِسْرَاءُ مِنْ مَسْجِدِ مَكَّةَ، رَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحِجْرِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ أَتَانِي جِبْرِيلُ بِالْبُرَاقِ" (2) فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمِعْرَاجِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: عُرِجَ بِهِ مِنْ دَارِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ (3) وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
__________
(1) هي مكية في قول الجماعة، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنه، فيما أخرجه عنه: النحاس، وابن مردويه، قال: "نزلت سورة بني إسرائيل بمكة". وقال بعضهم: فيها مدني، وهو مروي أيضا عن ابن عباس، حيث قال: هي مكية إلا ثمان آيات. انظر: الدر المنثور: 5 / 181، زاد المسير: 5 / 3.
(2) وهو مروي في الصحيحين وغيرهما، وسيأتي تخريجه قريبا.
(3) أخرجه ابن إسحاق في السيرة قال: حدثني محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح باذان، عن أم هانئ بنت أبي طالب. انظر سيرة ابن هشام: 1 / 402-403، والطبري في التفسير: 15 / 2. قال الحافظ ابن كثير: (3 / 23) : الكلبي متروك بمرة ساقط. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: (1 / 76) : "رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور، متروك كذاب".

الصفحة 55