كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 6)

[مِنَ الْعُشْبِ وَالتِّبْنِ] (1) {وَأَنْفُسُهُمْ} مِنَ الْحُبُوبِ وَالْأَقْوَاتِ، {أَفَلَا يُبْصِرُونَ}
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30) }
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} قِيلَ: أَرَادَ بِيَوْمِ الْفَتْحِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِي فِيهِ الْحُكْمُ بَيْنَ الْعِبَادِ، قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْكُفَّارِ: إِنْ لَنَا يَوْمًا نَتَنَعَّمُ فِيهِ وَنَسْتَرِيحُ وَيُحْكَمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَقَالُوا اسْتِهْزَاءً: مَتَى هَذَا الْفَتْحُ (2) ؟ أَيْ: الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي فَتْحَ مَكَّةَ (3) .وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَوْمَ بَدْرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ نَاصِرُنَا وَمُظْهِرُنَا عَلَيْكُمْ، فَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ (4) . {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ، {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} وَمَنْ حَمَلَ الْفَتْحَ عَلَى فَتْحِ مَكَّةَ أَوِ الْقَتْلِ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: مَعْنَاهُ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ إِذَا جَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَقُتِلُوا، {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} لَا يُمْهَلُونَ لِيَتُوبُوا وَيَعْتَذِرُوا. {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْهَا آيَةُ السَّيْفِ، {وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} قِيلَ: انْتَظِرْ مَوْعِدِي لَكَ بِالنَّصْرِ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ بِكَ حَوَادِثَ الزَّمَانِ. وَقِيلَ: انْتَظِرْ عَذَابَنَا فِيهِمْ فَإِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ذَلِكَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ {آلَمَ تَنْزِيلُ} وَ {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} (5) .
__________
(1) ما بين القوسين زيادة من "ب".
(2) أخرجه الطبري: 21 / 116، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: 6 / 557 لابن أبي حاتم.
(3) انظر: الطبري 21 / 116.
(4) قال الحافظ ابن كثير في التفسير: 3 / 456 (ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة، وأخطأ فأفحش، فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إسلام الطلقاء، وقد كانوا قريبا من ألفين، ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم لقوله تعالى: " قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون" وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل.
(5) أخرجه البخاري في الجمعة، باب: ما يقرأ في صلاة الفجر: 2 / 377 وفي سجود القرآن، باب: سجدة تنزيل السجدة" ومسلم في الجمعة، باب: ما يقرأ في الجمعة برقم: (880) 2 / 599 والمصنف في شرح السنة: 3 / 81.

الصفحة 310