كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 7)

سُورَةُ الطُّورِ مَكِّيَّةٌ (1) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) }
{وَالطُّورِ} أَرَادَ بِهِ الْجَبَلَ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} مَكْتُوبٍ.
{فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} "وَالرَّقُّ": مَا يُكْتَبُ فِيهِ، وَهُوَ أَدِيمُ الصُّحُفِ، وَ"الْمَنْشُورُ": الْمَبْسُوطُ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا كَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ لِمُوسَى مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُوسَى يَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ.
وَقِيلَ: هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. وَقِيلَ: دَوَاوِينُ الْحَفَظَةِ تَخْرُجُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْشُورَةً، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ. دَلِيلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا"، (الْإِسْرَاءِ-13) .
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} بِكَثْرَةِ الْغَاشِيَةِ وَالْأَهْلِ، وَهُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ حِذَاءَ الْعَرْشِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ يُقَالُ لَهُ: الضُّرَاحُ، حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْكَعْبَةِ فِي الْأَرْضِ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَطُوفُونَ بِهِ وَيُصَلُّونَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا (2) .
{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} يَعْنِي: السَّمَاءَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا". (الْأَنْبِيَاءِ-32)
__________
(1) أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت سورة الطور بمكة. انظر: الدر المنثور: 7 / 626.
(2) انظر: الطبري: 27 / 16، وقال الهيثمي في "المجمع" (7 / 114) : "رواه الطبراني -عن ابن عباس مرفوعًا- وفيه بشر أبو حذيفة وهو متروك".

الصفحة 382