كتاب تفسير البغوي - طيبة (اسم الجزء: 8)

عَنْ جِهَادِهِمْ بِالْقَتْلِ وَأَخَذِ أَمْوَالِهِمْ {فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ {أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ} كَاذِبِينَ مَا كَانُوا مُشْرِكِينَ {كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} فِي الدُّنْيَا {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ} مِنْ أَيْمَانِهِمُ الْكَاذِبَةِ {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} {اسْتَحْوَذَ} غَلَبَ وَاسْتَوْلَى {عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} الْأَسْفَلِينَ. أَيْ: هُمْ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَلْحَقُهُمُ الذُّلُّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. {كَتَبَ اللَّهُ} قَضَى اللَّهُ قضَاءً ثَابِتًا {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [نَظِيرُهُ] (1) قَوْلُهُ: "وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ" (الصَّافَاتِ 71-72) قَالَ الزَّجَّاجُ: غَلَبَةُ الرُّسُلِ عَلَى نَوْعَيْنِ: مَنْ بُعِثَ مِنْهُمْ بِالْحَرْبِ فَهُوَ غَالِبٌ بِالْحَرْبِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْحَرْبِ فَهُوَ غَالِبٌ بِالْحُجَّةِ.
__________
(1) ساقط من "أ".
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} الْآيَةَ. أَخْبَرَ أَنَّ إِيمَانَ الْمُؤْمِنِينَ يَفْسُدُ بِمُوَادَّةِ الْكَافِرِينَ وَأَنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَا يُوَالِي مَنْ كَفَرَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَشِيرَتِهِ.
قِيلَ: نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ حِينَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ (1) إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
__________
(1) انظر القرطبي 17 / 308.

الصفحة 62