كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

أن يتأخّر فأومأ إليه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن مكانك ثم أتى به كما جلس إلى جنبه فقيل للأعمش وكان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلى وأبو بكر يصلى بصلاته والناس يصلون بصلاة أبى بكر فقال نعم "أجيب" بأن عبد الرحمن كان قد ركع ركعة فترك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم التقدّم لئلا يختلّ ترتيب الصلاة في حق المأمومين بخلاف قصة أبى بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فإنه لم يركع ركعة وقت مجيئه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، أو بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أراد أن يبين لهم حكم قضاء المسبوق بفعله كما بينه بقوله، ولا يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أشار إلى كل من الصدّيق وابن عوف بعدم التأخّر فلم تأخّر الصدّيق دون ابن عوف "لأن" أبا بكر فهم أن سلوك الأدب أولى من امتثال الأمر الذى ليس للوجوب بخلاف عبد الرحمن فإنه فهم آن امتثال الأمر أولى، ولا شك أن الأول أكمل، وقد يقال إن أبا بكر بلغ من الفرح بشفاء رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مبلغا لم يملك نفسه معه عن التأخر (ولا ينافي) عدم صلاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلف أبى بكر كما في حديث عائشة (ما رواه) الترمذى وصححه عن جابر والنسائى عن أنس قالا آخّر صلاة صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ثوب واحد متوشحا به خلف أبى بكر (وما أخرجاه) أيضا عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذى مات فيه قاعدا وروى ابن حبان عنها أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الصف خلفه لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى في مرضه صلاتين في المسجد جماعة كان في إحداهما مأموما وفي الثانية إماما قاله ابن حبان والبيهقى وبين أن الصلاة التى صلاها أبو بكر مأموما صلاة الظهر والتى صلاها النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خلفه صلاة الصبح يوم الاثنين وهى آخر صلاة صلاها، وكذا أجاب ابن حزم فقال إنهما صلاتان متغايرتان بلا شك إحداهما التي رواها الأسود عن عائشة وعبيد الله عنها وعن ابن عباس صفتها أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمّ الناس والناس خلفه وأبو بكر عن يمينه في موقف المأموم يسمع الناس تكبيره، والثانية التى رواها مسروق وعبيد الله عن عائشة وحميد وعن أنس صفتها أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان خلف أبى بكر في الصف مع الناس
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أنه يطلب من الشخص التباعد عن الناس والطريق عند قضاء الحاجة، وعلى مشروعية خدمة من يستحق الخدمة، وعلى جواز الاستعانة في الوضوء وقد ثبت من حديث أسامة بن زيد أنه صبّ على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الماء وهو يتوضأ حين انصرف من عرفة (وقد) جاء في أحاديث ليست بثابتة النهى عن الاستعانة في الوضوء فلا يصح الركون إليها، وعلى مشروعية لبس الثياب ضيقة الأكمام، وعلى عدم

الصفحة 106