كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

(قوله

(ص) أن جريرا الخ) هو ابن عبد الله بن جابر البجلى أبو عمرو الصحابى الشهير نزل مكة روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مائة حديث اتفق البخارى ومسلم على ثمانية وانفرد البخارى بواحد ومسلم بستة، وعنه ابنه وأنس بن مالك وزيد بن وهب وهمام بن الحارث النخعى. روى له الجماعة (وقد) أكرمه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "فقد" روى عبه أنه قال لما بعث صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأتيته قال ما جاء بك قلت جئت لأسلم فألقى إلىّ كساءه وقال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه رواه الطبرانى. وروى عن علىّ مرفوعا جرير منا أهل البيت، وعنه أيضا أنه قال ما حجبنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منذ أسلمت ولا رآنى إلا تبسم في وجهى ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده على صدرى وقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا رواه ابن ماجه عمل على اليمن في أيامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وشهد فتح المدائن. مات سنة إحدى أو أربع وخمسين.
(معنى الحديث)
(قوله وما يمنعنى الخ). أى أىّ شئ يمنعنى من المسح والحال أني قد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمسح، وهو مرتب على محذوف صرّح به في رواية ابن ماجه فقيل له أتفعل هذا فقال وما يمنعنى الخ، وفي رواية البيهقى فقيل تفعل هذا قال نعم رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بال تم توضأ ومسح على خفيه، وفي رواية البخارى فسئل فقال رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صنع مثل هذا، وفي الطبراني من طريق الأعمش أن السائل له همام بن الحارث وعاب عليه بعض القوم
(قوله إنما كان ذلك الخ) أى قال من أنكر على جرير مسحه على خفيه إنما المسح عليهما كان قبل نزول المائدة التي ذكر فيها الوضوء. وأرادوا بهذا القول أن المسح على الخفين كان رخصة تم نسخ بهذه الآية فقال جرير ردّا عليهم ما أسلمت إلا بعد نزول آية المائدة فليس المراد جميع سورة المائدة لأن منها ما تأخر نزوله عن إسلامه كآية "اليوم أكملت لكم دينكم" فإنها نزلت يوم عرفة في حجة الوداع وإسلام جرير كان في رمضان سنة عشر من الهجرة أما آية الوضوء التى قوله تعالى "فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم الى الكعبين" فنزلت في غزوة بنى المصطلق وكانت سنة خمس أو أربع فلو كان إسلام جرير متقدّما على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخفّ منسوخا بهذه الآية فلما كان إسلامه متأخرا علمنا أن حديثه غير منسوخ يعمل به وهو مبين أن المراد بالآية غير صاحب الخف فيكون حديثه مخصصا للآية والقدح في جرير بأنه فارق عليا ممنوع فإنه لم يفارقه وإنما احتبس عنه بعد إرساله إلى معاوية لأعذار، على أنه قد تقل الإمام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير الإجماع من طرق أكابر أئمة الآل وأتباعهم على

الصفحة 119