كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)
(معنى الحديث)
(قوله أن النجاشى) بفتح النون وكسرها وتخفيف الجيم على الصحيح وتشديد المثناة التحتية وحكى المطرزى التخفيف ورجحه الصنعانى، واسمه أصحمة بن بحر وقيل مصحمة وقيل أصحم وقيل غير ذلك، وهو بالعربية عطية، وهو اسم لكلّ من ملك الحبشة كما أن كل من ملك الشام والجزيرة والروم يسمى قيصرا وكل من ملك الفرس يسمى كسرى وكل من ملك مصر كافرا يسمى فرعون وكل من ملك الإسكندرية يسمى المقوقس وكل من ملك ايمن يسمى تبعا وكل من ملك الهند وقيل اليونان يسمى بطليموس وكل من ملك الترك يسمى خاقان وكل من ملك اليهود يسمى القطيون وكل من ملك الصابئية يسمى نمرودا وكل من ملك العرب من قبل العجم يسمى النعمان وكل من ملك البربر يسمى جالوت وكل من ملك فرغانة يسمى الإخشيد (وقد) أسلم النجاشي في عهد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يهاجر إليه، وسبب إسلامه أنه لما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما يصيب أصحابه من الأذى وأنه لا يقدر أن يمنع عنهم ذلك البلاء قال لهم لو خرجتم إلى الحبشة فإن فيها ملكا لا يظلم أحد عنده حتى يجعل لكم الله فرجا ومخرجا مما أنتم فيه فخرج بعض المسلمين إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله تعالى بدينهم فكانت أول هجرة في الإسلام فلما رأت قريش أن المهاجرين قد اطمأنوا بالحبشة وأمنوا وأن النجاشى قد أحسن صحبتهم ائتمروا بينهم فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة ومعهما هدية إليه وإلى أعيان أصحابه فسارا حتى وصلا الحبشة فحملا إلى النجاشى هديته وإلى أصحابه هداياهم وقالا لهم إن ناسا من سفهائنا فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دين الملك جاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد أرسلنا أشراف قومهم إلى الملك ليردّهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يرسلهم معنا من غير أن يكلمهم وخافا أن يسمع النجاشى كلام المسلمين فيمتنع من تسليمهم فوعدهما أصحاب النجاشي بالمساعدة على ما يريدان ثم حضرا عند النجاشى وأعلماه بما جاءا له فأشار أصحابه بتسليم المسلمين إليهما فغضب من ذلك وقال لا والله لا أسلم قوما جاورونى ونزلوا بلادى واختارونى على من سواى حتى أدعوهم وأسألهم عما يقول هذان فإن كانا صادقين أسلمتهم إليهما وإن كانوا على غير ما يذكر هذان منعتهم وأحسنت جوارهم ثم أرسل النجاشى إلى أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فحضروا وقالوا يستأذن أولياء الله فقال ائذنوا لهم فمرحبا بأولياء الله فلما دخلوا عليه قالوا السلام عليكم فقال الرهط من المشركين أيها الملك ألا ترى أنا صدقناك إنهم لم يحيوك بتحيتك التى تحيا بها فقال لهم الملك ما منعكم أن تحيونى بتحيتى قالوا إنا حييناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة، "وقد اتفقوا على أن يقولوا الصدق" وكان المتكلم عنهم جعفر بن أبى طالب فقال لهم النجاشي ما هذا الدين الذى فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في دينى ولا دين
الصفحة 122
351