كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

القدم. وذكر ابن الجوزى أنه كان لنعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سيران يضع أحدهما بين إبهام رجله والتي تليها ويضع الأخرى بين الوسطى والتى تليها ويجمع السيرين إلى السير الذى على وجه قدمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المعروف بالشراك كذا في شرح شمائل الترمذى (وفى هذا) دليل على مشروعية المسح على الجوربين حال لبس النعلين ولا دليل فيه على جواز مسح النعلين فقط (وقال) ابن القيم في تهذيب السنن قال البيهقي وتأوّل أبو الوليد حديث المسح على الجوربين على أنه مسح جوربين منعلين لا أنه مسح على جورب على انفراد ونعل على الانفراد (قلت) والظاهر أنه مسح على الجوربين الملبوس عليهما نعلان منفصلان فإنه فصل بينهما وجعلهما شيئين ولو كانا جوربين منعلين لقال مسح على الجوربين المنعلين وأيضا فإن الجلد الذى في أسفل الجورب لا يسمى نعلا في لغة العرب. وأيضا المنقول عن عمر بن الخطاب أنه مسح على سيور النعل التي على ظاهر القدم مع الجورب وأما أسفله وعقبه فلا. وأيضا فإن تجليد أسافل الجوربين لا يخرجهما عن كونهما جوربين ولا يؤثر اشتراط ذلك في المسح، وأىّ فرق بين أن يكونا مجلدين أو غير مجلدين اهـ (وقد اختلف) العلماء في المسح على الجوربين فذهبت الحنفية وأحمد وإسحاق بن راهويه والثورى وابن المبارك إلى جواز المسح عليهما سواء أكانا مجلدين أم منعلين أم ثخينين (وذهبت) المالكية إلى جواز المسح عليهما بشرط أن يكونا مجلدين من أعلاهما وأسفلها. والمنعل ما وضع الجلد على أسفله فقط، والثخين ما يثبت على الساق من غير ربط ولا يرى ما تحته قالوا لأنه يمكن متابعة المشى فيه والرخصة لأجله فصار كالخفّ (وكان) أبو حنيفة لا يجوّز المسح على الثخين ثم رجع إلى الجواز قبل موته بثلاثة أيام وقيل بسبعة ومسح على جوربيه الثخينين في مرضه وقال لعوّاده فعلت ما كنت أنهي الناس عنه (واضطربت) أقوال الشافعية فمنهم من اشترط كونه مجلدا أو منعلا (ومنهم) من اشترط كونه صفيقا يمكن متابعة المشى فيه (قال) النووى والصحيح بل الصواب ما ذكره أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشى فيه جاز كيف كان وإلا فلا اهـ وقوله كيف كان أى سواء أكان مجلدا أم منعلا أم لم يكن كذلك
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية المسح على الجوربين حال لبس النعلين
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الطحاوى وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح ورواه الطبرانى أيضا من طريق ابن أبى شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمسح على الخفين والجوربين اهـ وقد ضعف الحديث غير واحد من الفقهاء والمحدّثين ومنهم المصنف

الصفحة 135