كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ»
(ش) (رجال الحديث)
(قوله حفص يعنى ابن غياث) بن طلق بن معاوية الكوفي النخعى روى عن الأعمش وعاصم الأحول والثورى وابن جريح وهشام بن عروة وآخرين. وعنه أحمد وإسحاق وابن معين ويحيى القطان وكثيرون، قال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت إذا حدّث من كتابه ويتقى بعض حفظه ووثقه النسائى وابن خراش والعجلى وابن معين وقال ابن سعد كان ثقة مأمونا كثير الحديث يدلس وقال أبو زرعة ساء حفظه فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح ولد سنة سبع عشرة ومائة. وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة. روى له الجماعة. والعناية من أبى داود والضمير فيها عائد على ابن العلاء (والأعمش) سليمان بن مهران
(قوله عن أبى إسحاق) هو عمرو بن عبد الله السبيعى
(معنى الحديث)
(قوله لو كان الدين بالرأى الخ) أى لو كان مأخذ الأحكام الشرعية مجرّد العقل لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه لأن الأسفل يلاقى الأقذار والنجاسات لكن الرأى متروك بالنصّ فلذا كان الواجب مسح الأعلى فقط ولا يجزئُ الاقتصار على الأسفل. والدين لغة الذل والطاعة يقال دانه يدينه أذله، ويطلق على التعبد يقال دان بالإسلام دينا أى تعبد به، ويطلق أيضا على الحساب والجزاء، وشرعا ما شرعه الله على لسان نبيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الأحكام. والرأى العقل ويطلق إيضا على التدبر وعلى الاعتقاد والمراد هنا الأول، وأراد الإمام على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بهذا أن يسدّ مدخل الرأى وباب الذرائع لئلا يفسد العامة على أنفسهم دينهم (قال) في المرقاة هو صريح في امتناع مسح الأسفل فتعين أن مراده بظاهر خفيه أعلى ظاهرهما فإذا عرفت هذا فاعلم أن العقل الكامل تابع للشرع لأنه عاجز عن إدراك الحكم الإلهية فعليه بالتعبد المحض بمقتضى العبودية وما ضلّ من ضلّ من الكفرة والحكماء والمبتدعة وأهل الأهواء إلا متابعة العقل وترك موافقة النقل (وقال) أبو حنيفة لو قلت بالرأى لأوجبت الغسل بالبول لأنه نجس متفق عليه والوضوء بالمنىّ لأنه نجس مختلف فيه ولأعطيت الذكر في الإرث نصف الأنثى لكونها أضعف منه اهـ وبذلك تزداد علما ببطلان

الصفحة 145