كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

أكمل في صلاة النفل من الجلوس إلا لعذر
(قوله يقبل عليها بقلبه ووجهه) أى يخشع فيهما بقلبه ويخضع بجوارحه، والإقبال في الأصل ضد الإدبار والمراد هنا بإقبال القلب خشوعه وبإقبال الوجه خضوع الأعضاء، والقلب من الحيوان معروف ويطلق على العقل وهو المراد هنا ومنه ينشأ صلاح الجسد وفساده كما جاء في الحديث وسمى قلبا لتقلبه في أمره وأراد بالوجه ذاته ففيه إطلاق اسم الجزء على الكل، وجمع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخشوع والخضوع لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع في القلب
(قوله إلا قد أوجب) وفي نسخة إلا فقد أوجب وفى أخرى إلا وجبت له الجنة وهي رواية مسلم أى أوجب له ربه الجنة بمعنى أنه استحق دخولها بلا سابقة عذاب وإلا فمطلق الدخول يكفى فيه مجرّد الإيمان، والاستثناء من عموم الأحوال
(قوله فقلت بخ بخ) هي كلمة تقال عند الرضا والمدح والإعجاب بالشئ وتفخيمه وتعظيمه وتكرّر للمبالغة (قال) في القاموس بخ كقد أى عظم الأمر وفخم تقال وحدها وتكرّر بخ بخ الأول منون والثانى مسكن وقلّ في الإفراد بخ ساكن وبخ مكسورة وبخ منونة وبخ منونة مضمومة ويقال بخ بخ مسكنين وبخ بخ منونين وبخ بخ مشدّدين كلمة تقال عند الإعجاب بالشئ أو الفخر والمدح اهـ
(قوله ما أجود هذه) أى ما أحسن هذه الفائدة والبشارة، وتعجب من جودتها لسهولتها على كل أحد مع عظم أجرها
(قوله فقال رجل من بين يدىّ) أى أمامي وفي بعض النسخ إسقاط من
(قوله آنفا) أى قريبا وهو بالمدّ على اللغة المشهورة وبالقصر على لغة صحيحة وقرئَ بها في السبع
(قوله أشهد أن لا إله إلا الله) أى أقرّ بلساني وأذعن بقلبى من الشهادة وهي الإخبار بما شوهد فهى خبر قاطع يقال شهد الرجل على كذا وشهده شهودا حضره وقوم شهود حضور وأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والأصل أشهد أنه لا إله إلا الله وخبر لا محذوف أى موجود وإلا ملغاة ولفظ الجلالة مرفوع على البدلية من الضمير في الخبر ويقال فيه غير ذلك
(قوله لا شريك له) جملة حالية مؤكدة لوحده ويصح أن تفسر الوحدة بوحدانية الذات (والثانى) بوحدانية الصفات والأفعال، والأبحاث المتعلقة بتلك الكلمة المشرّفة مشهورة في علم الكلام
(قوله وأن محمدا عبده ورسوله) وفي بعض النسخ وأشهد أن محمدا، ومحمد في الأصل اسم مفعول من حمد مبالغة في الثناء نقل من الوصفية إلى الإسمية وسماه جدّه عبد المطلب رجاء أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله تعالى رجاءه ووصفه بالعبودية التى هي غاية التذلل والخضوع لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أتقى الخلق على الإطلاق ولم يبلغ أحد ما بلغه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من التذلل والخضوع لمولاه والإضافة فيه للتشريف إشارة إلى كمال مرتبته في مقام العبودية بالقيام في أداء حق الربوبية، وقدّمه على الرسول لأنه أشرف أوصافه وأعلاها، ووصف بالعبودية لئلا يتوهم

الصفحة 157