كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)
وأبى موسى وجابر بن عبد الله وعبيدة السلماني وأبى العالية وسعيد بن المسيب وإبراهيم والحسن وحكى ابن حزم في كتاب الإجماع هذا المذهب عن عمرو بن عبيد (وقال) النووى في شرح مسلم وحكى أبو جعفر الطحاوى وأبو الحسن بن بطال في شرح صحيح البخارى عن طائفة من العلماء أنهم قالوا يجب الوضوء لكل صلاة وإن كان متطهرا، واحتجوا بقول الله تعالى "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية" وما أظن هذا المذهب يصح عن أحد، ولعلهم أرادوا استحباب تجديد الوضوء عند كل صلاة اهـ قال وروينا عن إبراهيم النخعى أنه لا يصلى بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات (ومذهب) أكثر العلماء من الأئمة الأربعة وأكثر أصحاب الحديث وغيرهم أن الوضوء لا يجب إلا من حدث، واستدلوا بالأحاديث الصحيحة كحديثى الباب وحديث سويد بن النعمان في صحيح البخارى الذى تقدم ذكره وفى معناها أحاديث كثيرة كحديث الجمع بين الصلاتين بعرفة والمزدلفة وسائر الأسفار والجمع بين الصلوات الفائتة يوم الخندق وغير ذلك (وأما) الآية الكريمة فالمراد بها والله أعلم إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم محدثون واستدلّ الدارمى على ذلك بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا وضوء إلا من حدث (وحكى) الشافعى عمن لقيه من أهل العلم أن التقدير إذا قمتم من النوم "فإن قلت" ظاهر الآية يقتضى التكرار لأن الحكم المذكور وهو قوله فاغسلوا معلق بالشرط وهو إذا قمتم إلى الصلاة فيقتضى تكرار الحكم عند تكرار الشرط كما هو القاعدة عندهم "قلنا" المسألة مختلف فيها والأكثر على أنه لا يقتضيه لفظا (وقال) الزمخشرى رحمه الله تعالى"فإن قلت" ظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة محدث وغير محدث فما وجهه "قلنا" يحتمل أن يكون الأمر للوجوب فيكون الخطاب للمحدثين خاصة وأن يكون للندب "فإن قلت" هل يجوز أن يكون الأمر شاملا للمحدثين وغيرهم لهؤلاء على وجه الإيجاب ولهؤلاء على وجه الندب "قلت" لا، لأن تناول الكلمة الواحدة لمعنيين مختلفين من باب الألغاز والتعمية (وقال) الطحاوى رحمه الله تعالى قد يجوز أن يكون وضوءه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لكل صلاة على ما روى بريدة لإصابة الفضل لا لأنه كان واجبا عليه اهـ ويدلّ عليه ما رواه هو وابن أبى شيبة من حديث أبى غطيف الهذلى قال صليت مع عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما الظهر فانصرف في مجلس في داره فانصرفت معه حتى إذا نودى بالعصر دعا بوضوء فتوضأ ثم خرج وخرجت معه فصلى العصر ثم رجع إلى مجلسه ورجعت معه حتى إذا نودى بالمغرب دعا بوضوء فتوضأ فقلت له أى شئ هذا يا أبا عبد الرحمن الوضوء عند كل صلاة فقال وقد فطنت لهذا منى ليست بسنة إن كان لكافيا وضوئي لصلاة الصبح وصلواتى كلها ما لم أحدث ولكنى سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول من توضأ على طهر كتب الله له بذلك عشر حسنات ففى ذلك رغبت يا ابن أخى (وقال) الطحاوى
الصفحة 164
351