كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)
صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل مكة وضرب قبته بأعلى مكة وكانت راية النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والمهاجرين مع الزبير فبعثه ومعه المهاجرون وخيلهم وأمره أن يدخل من أعلى مكة وأن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه ثم إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما اطمأن خرج بالناس حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكنّ له الناس في المسجد فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم ثم قال اذهبوا أنتم الطلقاء فأعتقهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقد كان الله أمكن منهم عنوة فبذلك سمى أهل مكة الطلقاء واجتمع الناس للبيعة فجلس إليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الصفا فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وقد أحدق به الأنصار فقالوا ما بينهم أترون رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم به فقال ماذا قلتم قالوا لا شئ يا رسول الله فلم يزل بهم حتى أخبروه فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم وأقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة
(قوله خمس صلوات بوضوء واحد) حصل منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على خلاف عادته الغالبة فإنه كان يتوضأ لكل صلاة كما تقدم ولذلك استغرب عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وفي هذا الحديث دلالة على جواز فعل الصلوات المفروضات والنوافل بوضوء واحد ما لم يحدث وهذا جائز بإجماع من يعتدّ به (قال) الترمذى والعمل على هذا عند أهل العلم اهـ وقد تقدم بيان المذاهب في ذلك
(قوله صنعت اليوم شيئا) هو تأديته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الصلوات الخمس بوضوء واحد قيل والمسح على الخفين وليس بشئ لأن المسح على الخفين كان قبل الفتح وكان يعلمه عمر
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز تأدية الصلوات المفروضة بوضوء واحد، وعلى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان قبل هذا اليوم يواظب على الوضوء لكل صلاة عملا بالأفضل، وعلى مشروعية المسح على الخفين، وعلى جواز سؤال المفضول الفاضل عن بعض أعماله التى في ظاهرها مخالفة للعادة لأنها قد تكون عن نسيان فيرجع عنه وقد تكون عمدا لمعنى خفى على المفضول فيستفيده، وعلى أنه ينبغى للمسئول إجابة السائل
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه والبيهقي والطحاوى في شرح معاني الآثار والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه من عدّة طرق وفي بعضها زيادة توضأ مرّة مرّة
الصفحة 168
351