كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

والخروج عن عادة السلف فإنا نعلم أن الناس في الأعصار السالفة مازالوا يدرسون بالبقر كما يفعل أهل هذا العصر وما نقل عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والصحابة والتابعين وسار ذوى التقوى والورع أنهم رأوا غسل الفم من ذلك (قال) الشيخ أبو عمرو والفقه في ذلك أن ما في أيدى الناس من القمح المتنجس بذلك قليل جدّا بالنسبة إلى القمح السالم من النجاسة فقد اشتبه إذاً واختلط قمح قليل نجس بقمح طاهر لا ينحصر ولا منع من ذلك بل يجوز التناول من أى موضع أراد كما لو اشتبهت أخته بنساء لا ينحصرن فله نكاح من شاء منهن وهذا أولى بالجواز، وفى كلام البغدادى إشارة إلى أنه وإن تعين ما سقط الروث عليه في حال الدراس فمعفوّ عنه لتعذر الاحتراز عنه (فرع) قال الشيخ أبو محمد في التبصرة لو أصاب ثوبه أو غيره شيء من لعاب الخيل والبغال والحمير وعرقها جازت صلاته فيه لأنها وإن كانت لا تزال تتمرّغ في الأمكنة النجسة وتحك بأفواهها قوائمها التى لا تخلو من النجاسة فإنا لا نتيقن نجاسة عرقها ولعابها لأنها تخوض الماء الكثير وتكرع فيه كثيرا قال ولم يزل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه وسائر المسلمين بعدهم يركبون الخيل والبغال والحمير في الجهاد والحج وسائر الأسفار ولا يكاد ينفك الراكب في مثل ذلك عن أن يصيبه شيء من عرقها أو لعابها وكانوا يصلون في ثيابهم التى ركبوا فيها ولم يعدّوا ثوبين ثوبا للركوب وثوبا للصلاة
(فرع) سئل الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه عن جوخ حكى أن الكفار الذين يعملونه يجعلون فيه شحم خنزير واشتهر ذلك عنهم من غير تحقيق فقال إذا لم يتحقق فيما بيده نجاسة لم يحكم بالنجاسة (وسئل) عن بقل في أرض نجسة أخذه البقالون وغسلوه غسلا لا يعتمد عليه في التطهير هل يحكم بنجاسة ما يصيبه في حال رطوبته فقال إذا لم يتحقق نجاسة ما أصابه من البقل بأن احتمل أنه مما ارتفع عن منبته النجس لم يحكم بنجاسة ما أصابه من ذلك لتظاهر أصلين على طهارته (وسئل) عن الأوراق التى تعمل وتبسط وهي رطبة على الحيطان المعمولة برماد نجس وينسخ فيها ويصيب الثوب من ذلك المداد الذى يكتب به فيها مع عموم البلوى فقال لا يحكم بنجاسته (وسئل) عن قليل قمح بقى في سفل جبّ وقد عمت البلوى ببعر الفأر في أمثال ذلك فقال ما معناه إنه لا يحكم بنجاسة ذلك إلا أن يعلم نجاسة في هذا الجبّ المعين والله تعالى أعلم (فرع) قال إمام الحرمين وغيره في طين الشوارع الذى يغلب على الظن نجاسته قولان (أحدهما) يحكم بنجاسته (والثانى) بطهارته بناء على تعارض الأصل والظاهر (فرع) وماء الميزاب الذى يظن نجاسته ولا يتيقن طهارته ولا نجاسته: قال المتولى والرويانى فيه القولان في طين الشوارع، وهذا الذى ذكره فيه نظر والمختار الجزم بطهارته لأنه إن كان هناك نجاسة انغسلت (فرع) إن الشافعى رحمه الله تعالى نصّ على طهارة ثياب الصبيان في مواضع ويدلّ له أن النبى

الصفحة 179