كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)
عنه مختلفة فيحمل ما قاله في الوضوء إن صحّ عنه على الاستحباب وبقية هذه الآثار كلها ليس فيها حجة لعدم رفعها إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا سيما إذا وقعت معارضة لما ورد عن صاحب الشريعة (قال) في المرقاة هذه الأحاديث كلها موقوفة على بعض الصحابة ممن قال ينقض اللمس وليست في حكم المرفوع إذ للرأى فيه مجال مع احتمال أن يحمل قوله على الاستحباب للاحتياط، وللمجتهد أن يختار من أقوال الصحابة ما شاء لا سيما وقد ثبت عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عدم النقض باللمس كما تقدم عن عائشة، والأصل عدم التخصيص مع أن الشافعى لا يرى تقليد المجتهد للصحابى اهـ وذهب مالك والليث بن سعد وأحمد في إحدى الروايات عنه إلى أن اللمس إن كان بشهوة نقض وإلا فلا جمعا بين الآية والأحاديث المتقدمة فحملوا اللمس في الآية على ما إذا كان بشهوة وفي الأحاديث على ما إذا كان بدونها حيث وقعت ملامسته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للسيدة عائشة وهو في الصلاة مقبلا على مولاه سبحانه وتعالى وأما حديث عائشة أن النبي صلى الله تعاالى عليه وعلى آله وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ رواه المصنف فيحتمل أنه كان قبل نزول الآية، ولأن اللمس ليس بحدث في نفسه وإنما هو داع إلى الحدث فاعتبرت الحالة التى يدعو فيها إلى الحدث وهى حالة الشهوة واللامس والملموس عند مالك سواء وللشافعى في الملموس قولان الوضوء وعدمه أشهرهما الوضوء. وذهب داود إلى أن الملموس لا وضوء عليه، وما تقدم من التفصيل عند مالك في غير القبلة في الفم أما هى فيه فتنقض مطلقا إلا لوداع أو رحمة (والحاصل) أن في اللمس خلافا في نقض الوضوء وعدمه والقول بعدم النقض أقوى دليلا والاحتياط الوضوء خروجا من الخلاف
(قوله قال أبو داود وهو مرسل) المرسل ما سقط منه الصحابى ويطلق على ما سقط من سنده راو مطلقا وهذا هو المراد هنا لأن الصحابى هنا مذكور وهو عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا
(قوله وإبراهيم التيمى الخ) بيان لكون الحديث مرسلا قال الترمذى لا نعرف لإبراهيم التيمى سماعا من عائشة وليس يصح عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في هذا الباب شيء اهـ وقال النسائى بعد إخراجه لهذا الحديث ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلا اهـ قال الدارقطنى لم يروه عن إبراهيم التيمي غير أبي روق عطية بن الحارث ولا نعلم حدّث به عنه غير الثورى وأبى حنيفة واختلف فيه فأسنده الثورى عن عائشة وأسنده أبو حنيفة عن حفصة وكلاهما أرسله وإبراهيم التيمى لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثورى عن أبى روق عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن عائشة فوصل إسناده واختلف عليه في لفظه فقال عثمان بن أبي شيبة عنه بهذا الإسناد إن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل وهو
الصفحة 184
351