كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)
ذكر ما يتوضأ منه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ من مس الذكر قال عروة فلم أزل أمارى مروان حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة فسألها عما حدّثت مروان فأرسلت إليه بسرة بمثل الذى حدّثنى عنها مروان (قال) ابن حبان ومعاذ الله أن نحتج بمروان بن الحكم في شيء من كتبنا ولكن عروة لم يقنع بسماعه من مروان حتى بعث مروان شرطيا له إلى بسرة فسألها ثم أتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع وصار مروان والشرطى كأنهما زائدان في الإسناد اهـ
(قوله أخبرتني بسرة) بضم الموحدة وسكون السين المهملة (بنت صفوان) بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية خالة مروان بن الحكم وجدّة عبد الملك بن مروان. روى عنها عبد الله بن عمرو وعروة بن الزبير ومروان بن الحكم وسعيد بن المسيب. روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه قال الشافعى لها سابقة قديمة وهجرة وقال ابن مصعب كانت من المبايعات
(معنى الحديث)
(قوله من مس ذكره) أى من غير حائل لما جاء عن أبى هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء رواه أحمد وابن حبان. ولأن المس في الأصل الإفضاء إلى الشئ باليد من غير حائل يقال مسسته مسا من باب قتل أفضيت إليه بيدى من غير حائل والاسم المسيس
(قوله فليتوضأ) أى وضوءا شرعيا وليس المراد غسل اليد لما في رواية الدارقطنى إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة. ولما في رواية أخرى له من مسّ ذكره فليعد الوضوء، والإعادة لا تكون إلا لوضوء الصلاة (وظاهره) يدلّ على انتقاض الوضوء من مسّ الذكر. وبه قال عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو هريرة وابن عباس وعائشة وسعد بن أبى وقاص وعطاء والزهرى وابن المسيب ومجاهد وأبان بن عثمان وسليمان بن يسار وإسحاق ومالك والشافعى وأحمد محتجين بحديث الباب وبما تقدم من روايتي الدارقطنى وبما رواه أيضا عن عائشة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون وهو دعاء بالشرّ ولا يكون إلا على ترك واجب. وبما رواه أحمد والطحاوى في شرح معانى الآثار من طريق محمد بن إسحاق عن عروة أيضا عن زيد بن خالد الجهنى قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول من مسّ فرجه فليتوضأ. قال الطحاوى هذا الحديث منكر وأخلق به أن يكون غلطا لأن عروة حين سأله مروان عن مسّ الفرج فأجابه من رأيه أن لا وضوء فيه فلما قال له مروان عن بسرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما قال قال له عروة ما سمعت به وهذا بعد موت زيد ابن خالد بكم ما شاء الله فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما قد حدّثه إياه زيد بن خالد عن
الصفحة 192
351