كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

ابن إسحاق في رواية الحاكم حتى أنفذها فلما تابع علىّ الرمى ركعت فآذنتك وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها (والحديث) يدلّ على أن خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض الوضوء إذا كان سائلا وغير السائل بالطريق الأولى وإليه ذهب ابن عمر وابن عباس وابن أبى أوفى وجابر وأبو هريرة وعائشة وابن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد وعطاء ومكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وداود والشافعى وأصحابه وهو قول أكثر الصحابة والتابعين (وأما) الدم الخارج من السبيلين (فذهبت) المالكية إلى أنه غير نافض إن خرج خالصا من العذرة والبول (وذهبت) الشافعية إلى أنه نافض (واستدلوا) أيضا بما رواه الدارقطني عن أنس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه، وبما رواه مالك في الموطأ أن عبد الله بن عباس كان يرعف فيخرج فيغسل عنه الدم ثم يرجع فيبني على ما قد صلى. وبما رواه أيضا عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي قال رأيت سعيد بن المسيب يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذى يخرج من أنفه ثم يصلى ولا يتوضأ. وقال مالك الأمر عندنا أن لا يتوضأ من رعاف ولا من دم ولا من قيح يسيل اهـ (قال) الزرقاني وفي رواية ولا من شئ يسيل وهى أعمّ سواء أكان طاهرا أم نجسا لأن الوضوء المجمع عليه لا ينتقض إلا بسنة أو إجماع ولم يرد في ذلك سنة ولا إجماع اهـ (وقالوا) أيضا إن الدم خارج لا ينقض الطهارة قليله فكذا لا ينقض كثيره كالبصاق. وذهب أبو حنيفة، والثورى والأوزاعي وأحمد وإسحاق وغيرهم إلى أن الدم الخارج من البدن مطلقا نافض للوضوء (قال) الخطابى وهو قول أكثر الفقهاء واستدلوا بما رواه الدارقطني واللفظ له وابن ماجه عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبى مليكة عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم واستدلوا أيضا بما رواه البخارى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة قال إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم قال هشام بن عروة قال أبى ثم توضئى لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت (قال العينى) وهذا الحديث أقوى ما استدلّ به أصحابنا وأصحها. وبما رواه الدارقطني عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن تميم الدارمى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الوضوء من كل دم سائل (وقالوا) إنه خارج نجس مؤثر

الصفحة 233