كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

في زوال الطهارة فهو ناقض كالبول (وأجاب) النووى في شرح المهذب عن هذه الأحاديث بما نصه. والجواب عن حديث ابن جريج من أوجه أحسنها أنه ضعيف باتفاق الحفاظ وضعفه من وجهين (أحدهما) أن رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وابن جريج حجازى ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز ضعيفة عند أهل الحديث (والثانى) أنه مرسل قال الحفاظ المحفوظ في هذا أنه عن ابن جريج عن أبيه عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ممن قال ذلك الشافعى وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى الذهلى وعبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه وأبو زرعة وابن عدى والدارقطنى والبيهقي وغيرهم. وقد بين الدارقطنى والبيهقى ذلك أحسن بيان (والجواب) الثانى أنه لو صحّ يحمل على غسل النجاسة وبه أجاب الشافعى والأصحاب وغيرهم (والثالث) أنه محمول على الاستحباب (والجواب) عن حديث المستحاضة من وجهين (أحدهما) أنه ضعيف غير معروف وحديث المستحاضة مشهور في الصحيحين بغير ذكر الرضوء فهى زيادة باطلة (والثانى) لو صح لكان معناه إعلامها أن هذا الدم ليس حيضا بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ولم يرد أن خروح الدم من حيث كان يوجب الوضوء، ومن العجب تمسكهم بهذا الحديث الضعيف الذى لو صح لم يكن فيه دلالة وقد قال إمام الحرمين في الأساليب إن هذا الحديث مما يعتمدونه وهذا أشدّ تعجبا (وأما) حديث تميم الدارى فجوابه من أوجه أحدها أنه ضعيف من وجهين (أحدهما) أن اليزيدين في سنده مجهولان (والثاني) أنه مرسل أو منقطع فإن عمر بن عبد العزيز لم يسمع تميما (الجواب الثاني) والثالث لو صح الحديث لحمل على غسل النجاسة أو الاستحباب، وأما قياسهم فرده أصحابنا وقالوا الحدث المجمع عليه غير معقول المعنى ولا يصح القياس عليه لعدم معرفه العلة. قال أبو بكر بن المنذر لا وضوء في شيء من ذلك لأني لا أعلم مع من أوجب الوضوء فيه حجة، هذا كلام ابن المنذر الذى لا شك في إتقانه وتحقيقه وكثرة اطلاعه على السنة ومعرفته بالدلائل الصحيحة وعدم تعصبه اهـ كلام النووى (وممن يرى) نقض الوضوء بالدم الخارج من غير السبيلين الخلفاء الأربعة قيل وباقي العشرة المبشرين بالجنة وابن مسعود وابن عباس وثوبان وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعرى وابن عمر فقد روى مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ثم رجع وبنى على ما قد صلى، ونحوه عند البيهقى في باب من قال يبنى من سبقه الحدث. وروى الشافعى في مسنده قال حدثنا عبد المجيد عن ابن جريج عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر أنه كان يقول من أصابه رعاف أو مذى أو قئ انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى اهـ (والظاهر) ما ذهب إليه الفريق الأول من عدم نقض الوضوء بخروج الدم من الجسد فقد تواترت الأخبار على أن المجاهدين في سبيل الله كانوا يجاهدون ويذوقون آلام الجراحات فلا يستطيع أحد

الصفحة 234