كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

تكون على التناوب إذا كانت قابلة له ليأخذ كل واحد من القوم راحته فتدوم قوّتهم على العمل وعلى أنه تطلب المسارعة إلى الطاعات ولا سيما الصلاة، وعلى أن العقلاء ذوى الهمة العلية عرفوا عظيم قدر مناجاة ربهم فشغلوا به عن كل ما سواه، وعلى أن تلاوة القرآن لها لذّة عظيمة تشغل ذا البصيرة النيرة عن كل أمر هامّ خصوصا حال الصلاة، وعلى أن من ولى شيئا من مصالح المسلمين يجب عليه أن يقوم به حق القيام (فانظر) أيها العاقل إلى أعمال أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واعتنائهم بها ولا سيما الصلاة وقراءة القرآن وإلى أعمال أهل هذا الزمان من إضاعتهم معالم الدين وكونهم على الكبائر بلا مبالاة وصنعهم الجرائم حال تلاوة القرآن تر ما يدهش الألباب فإذا أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر مؤمن قابلوه بالإساءة فإنا لله وإنا إليه راجعون وسيرى الذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون، ودلّ الحديث أيضا على أن خروح الدم من غير السبيلين غير ناقض للوضوء وقد علمت ما فيه من الخلاف أما الدم الخارج من السبيلين فناقض عند الأئمة الثلاثة مطلقا. وقالت المالكية إنه غير ناقض إن خرج خالصا من العذرة والبول لكونه خارجا غير معتاد
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وأخرجه البيهقي والبخارى في صحيحه تعليقا

(باب في الوضوء من النوم)
أمطلوب أم لا

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ»
(ش) الحديث لم يذكر فيه أنهم توضؤوا بعد النوم أو لم يتوضؤوا. فإن حمل على أنهم توضؤوا فمناسبته للترجمة باعتبار أنهم ناموا نوما أوجب الوضوء وإن حمل على أنهم لم يتوضؤوا فمناسبته باعتبار أنهم ناموا نوما خفيفا لا ينقض الوضوء وهذا هو الظاهر
(قوله عبد الرزاق) بن همام و (نافع) مولى ابن عمر
(قوله شغل عنها ليلة) بالبناء للمفعول أى شغل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صلاة العشاء الآخرة لاشتغاله بتجهيز جيش كما رواه الطبراني من وجه

الصفحة 237