كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

عنده فقد جمع رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بين استعمال الحياء وعدم التفريط في الحكم
(قوله إذا دنا من أهله) أى قرب من زوجته لمداعبة لا لجماع
(قوله فخرج منه المذى) لأنه يكون غالبا عند ملاعبة الزوجة وتقبيلها ونحو ذلك من أنواع الاستمتاع
(قوله ماذا عليه) أى أىّ شئ عليه أغسل أم وضوء
(قوله وأنا أستحيي) بياءين من الحياء وهو تغير وانكسار يعترى الإنسان من فعل ما يعاتب عليه أو يذمّ به
(قوله فلينضح فرجه) وفى بعض النسخ فلينتضح وأصل النضح الرّش وأريد به الغسل الخفيف ويؤيده ما في الحديث السابق وما في رواية البخارى عن علىّ من قوله واغسل ذكرك
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب حسن العشرة مع الأصهار واستعمال الأدب بترك المواجهة بما يستحيا منه عرفا، وعلى أن الزوح يستحب له أن لا يذكر شيئا يتعلق بجماع النساء والاستمتاع بهن بحضرة أبى الزوجة أو غيره من أقاربها، وعلى أن المذى يوجب الوضوء ولا يوجب الذل، وعلى جواز الاستنابة في الاستفتاء، وعلى جواز قبول خبر الواحد المفيد للظنّ مع القدرة على اليقين فإن عليا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اكتفى بقول المقداد مع تمكنه من سؤال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بنفسه (قال) ابن دقيق العيد قد يتمسك به في قبول خبر الواحد من حيث إن عليا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أمر المقداد بالسؤال ليقبل خبره والمراد بهذا ذكر صورة من الصور التى تدلّ على قبول خبر الواحد وهي فرد من أفراد لا تحصى والحجة تقوم بجملتها لا بفرد معين منها فإنه لو استدلّ بفرد معين لكان ذلك إثباتا للشئ بنفسه وهو محال وإنما ذكر صورة مخصوصة للتنبيه على أمثالها لا للاكتفاء بها فليعلم ذلك فإنه مما انتقد على بعض العلماء حيث استدلّ بآحاد وقيل أثبت خبر الواحد بخبر الواحد وجوابه ما ذكرناه ومع هذا فالاستدلال عندى لا يتمّ بهذه الرواية وأمثالها لجواز أن يكون المقداد سأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المذى بحضرة عليّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فسمع عليّ الجواب فلا يكون من باب قبول خبر الواحد وليس من ضرورة كونه سأل عن المذى بحضرة على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن يذكر أنه هو السائل نعم إن وجدت رواية مصرّحة بأن عليا أخذ هذا الحكم عن المقداد ففيه الحجة اهـ ودلّ الحديث أيضا على أنه يطلب من الشخص أن يسأل عن أحكام دينه ولو بواسطة، وعلى أن المسئول تطلب منه الإجابة إذا كان عالما بما سئل عنه
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ والنسائى وابن ماجه والترمذى والطحاوى في شرح معانى الآثار والبيهقى وقال هكذا رواه أبو النضر عن سليمان ورواه بكير ابن عبد الله بن الأشج عن سليمان عن ابن عباس موصولا وذكره بسنده إلى ابن عباس قال قال على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أرسلت المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى

الصفحة 261