كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائى وابن المدينى وابن حبان والعجلي والبزّار، مات سنة ثمان ومائة، روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله إذا أتى أحدكم أهله الخ) أى إذا جامع أحدكم زوجه ثم أراد أن يجامع ثانيا فليتوضأ وضوءا شرعيا لأنه المراد عند الإطلاق في كلام الشارع ولتأكيده بالمصدر لأن التأكيد به يرفع احتمال التجوّز وهو نظير قوله تعالى "وكلم الله موسى تكليما" فقد استدلّ أهل السنة بالتأكيد بالمصدر في الآية على أن التكليم فيها باق على حقيقته وليس متجوّزا به، وفى رواية ابن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة، وسيأتى بيان حكمة هذا الوضوء (وقد اختلف) في الأمر بالوضوء بين الجماعين في الحديث (فذهب) ابن حبيب المالكي والظاهرية إلى أنه للوجوب أخذا بظاهر هذا الحديث (وذهب) الجمهور إلى أن الأمر فيه للاستحباب وهو الظاهر لما في رواية الحاكم من قوله فإنه أنشط للعود، وغاية ما يفيده التعليل أن هذا الوضوء مندوب وليس بواجب إذ العود للجماع ثانيا ليس بواجب، ولما رواه الطحاوى عن عائشة قالت كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يجامع ثم يعود ولا يتوضأ (وذهب) أبو يوسف من الحنفية إلى أنه ليس بواجب ولا مندوب وحمل الأمر في الحديث على الإباحة (وحمله) بعض أهل العلم على الوضوء اللغوى الذى هو غسل الفرج احترازا عن إدخال النجس في الفرج ولأن ما يتعلق به من رطوبة الفرج مفسد للذة، وقالوا إنما شرع الوضوء للعبادة لا لقضاء الشهوة ولو شرع لقضاء الشهوة لكان الجماع الأول مثل العود، لكن ما قالوه ليس بالقوى لما علمته مما تقدم أن المراد به الوضوء الشرعي ولأنه لا يخفى الفرق بين الجماع الأول والعود فإن العود محتاج إلى التنظيف والنشاط
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب الوضوء ممن أراد أن يعود إلى الجماع، وعلى أن الغسل ليس واجبا بين الجماعين
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح والنسائى وابن خزيمة وابن حبان والطحاوى في شرح معانى الآثار والبيهقى والحاكم في المستدرك وصححه

(باب في الجنب ينام)
أى في بيان أنه يباح للجنب النوم قبل أن يغتسل، وفى بعض النسخ باب الجنب بحذف الجار

(ص) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ: «تَوَضَّأْ

الصفحة 285