كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

وضوء الرجل للصلاة "وأخرج" مسلم والبيهقى نحوه (قال) الطحاوى فهذا الأسود بن يزيد قد أبان في حديثه أنه كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة، وأما قولها فإن كان له حاجة قضاها ثم ينام قبل أن يمسّ ماء فيحتمل أن يكون مرادها أنه لم يغتسل فلا ينافي أنه كان يتوضأ وقد بين ذلك غير أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا أراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة وذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال حدثنا بشير بن عمر قال ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب يتوضأ ثم روى عن الأسود من رأيه مثل ذلك ثنا روح بن الفرج ثنا يوسف بن عدى ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال قال الأسود إذا أجنب الرجل فأراد أن ينام فليتوضأ فاستحال عندنا أن تكون عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا قد حدثته عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه كان ينام ولا يمسّ ماء ثم يأمرهم بعد ذلك بالوضوء. ولكن الحديث في ذلك ما رواه إبراهيم وبعد ما ذكر ما يؤيد رواية إبراهيم السابقة قال فثبت بما ذكرنا فساد ما روى عن أبى إسحاق عن الأسود مما ذكرنا وثبت ما روى إبراهيم عن الأسود اهـ ببعض تصرّف (وقال) ابن العربى في العارضة بعد أن ذكر حديث أبى إسحاق بطوله فهذا الحديث الطويل فيه وإن نام وهو جنب توضأ وضوء الصلاة فهذا يدلك على أن قوله فإن كان له حاجة قضى حاجته ثم ينام قبل أن يمسّ ماء يحتمل أحد وجهين إما أن يريد بالحاجة حاجة الإنسان من البول والغائط فيقضيها ثم يستنجى ولا يمسّ ماء وينام فإن وطئَ توضأ كما في آخر الحديث، ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء وبقوله ثم ينام ولا يمسّ ماء يعنى ماء الاغتسال ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تنافض أوله وآخره فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة هي حاجة الوطء فنقل الحديث على معنى ما فهم اهـ كلام ابن العربى (أقول) لكن الحديث رواه ابن ماجه عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة من عدّة طرق كرواية المصنف (منها) أنها قالت إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن كانت له إلى أهله حاجة قضاها ثم ينام كهيئته لا يمسّ ماء (ومنها) أنها قالت إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يجنب ثم ينام ولا يمسّ ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل، وقد صحح جماعة هذا الحديث منهم الدارقطني فإنه قال يشبه أن يكون الخبران صحيحين لأن عائشة قالت ربما قدّم الغسل وربما أخره كما حكى ذلك غضيف وعبد الله بن أبي قيس وغيرهما عن عائشة وأن الأسود حفظ ذلك عنها فحفظ أبو إسحاق عنه تأخير الوضوء والغسل وحفظ إبراهيم وعبد الرحمن تقديم الوضوء على الغسل (وعنهم) البيهقى وملخص كلامه أن حديث أبى إسحاق صحيح من جهة الرواية وذلك أنه

الصفحة 300