كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

وعلى فرض عدم إمكان الجمع فروايات الصحيحين مقدّمة
(قوله فأومأ بيده أن مكانكم) وفي رواية البخارى فقال لنا مكانكم. وفي رواية ابن ماجه ثم أشار إليهم فمكثوا. وأن مفسرة ومكانكم منصوب بفعل محذوف أى الزموا مكانكم
(قوله ثم جاء ورأسه يقطر الخ) عطف على محذوف أى فذهب واغتسل ثم جاء ورأسه يقطر من ماء الغسل وابتدأ صلاته بإحرام جديد كما قاله ابن حبان ونسبة القطر إلى الرأس مجاز من قبيل ذكر المحلّ وإرادة الحالّ (وقد تمسك) بظاهر هذا الحديث من قال بصحة صلاة المأموم الذى تبين فساد صلاة إمامه لنسيان الحدث (منهم) مالك وأصحابه والشافعى والأوزاعي والثورى وأحمد وحكى عن الأثرم وأبي ثور وإسحاق والحسن البصرى وإبراهيم النخعى وسعيد بن جبير قالوا لأن القوم أحرموا عقب إحرامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأول واستمرّوا حتى رجع إليهم. وقد جرى على ذلك الخطابى فقال في شرح الحديث فيه دلالة على أنه إذا صلى بالقوم وهو جنب وهم لا يعلمون بجنابته أن صلاتهم ماضية ولا إعادة عليهم وعلى الإمام الإعادة وذلك أن الظاهر من حكم لفظ الخبر أنهم قد دخلوا في الصلاة معه ثم استوقفهم إلى أن اغتسل وجاء فأتمّ الصلاة بهم وإذا جاز جزء من الصلاة حتى يصح البناء عليه جاز سائر أجزائها. والاقتداء بالإمام طريقه الاجتهاد وإنما كلف الإمام الظاهر من أمره وليس عليه الإحاطة لأنه يتعذر عليه دركها فإذا أخطأ فيما حكمه الطاهر لم ينقض عليه فعله كالحاكم لا ينقض عليه حكمه فيما طريقه الاجتهاد إن أخطأ فيه ولا سبيل للمأموم إلى معرفة طهارة الإمام فلا عتب عليه إن عزب عليه علمها وهو قول عمر بن الخطاب ولا يعلم له مخالف من أصحابه في ذلك وإليه ذهب الشافعى، وفي الحديث دليل على أن افتتاح المأموم صلاته قبل الإمام لا يبطل صلاته. وفيه حجة لمن ذهب إلى البناء على الصلاة في الحدث اهـ (وقد) ردّ العيني كلام الخطابى مما ملخصه. أما قوله وذلك أن الظاهر من لفظ الخبر أنهم قد دخلوا في الصلاة الخ فمردود بأن الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى بهم بتحريمة مبتدأة فقد قال ابن حبان في صحيحه أراد أنه صلى بهم بتكبير محدث لا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى بالشروع الذى قبله كما زعمه البعض اهـ على أنه تقدم التصريح في رواية مسلم أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم انصرف قبل أن يكبر. وقوله إذا صح جزء من الصلاة الخ مردود أيضا بأنا لا نسلم أن هذا الجزء وقع صحيحا لأنه بمجرّد ذهابه عليه وعلى آله الصلاة والسلام بطل حكم ذلك الشروع على تقدير صحة وجود المشروع لأنه ذهب بلا استخلاف وخلا مكانه وذا مما يفسد الشروع فإذا فسد ذلك الجزء يصير البناء عليه فاسدا لأن البناء على الفاسد فاسد والصلاة لا تتجزّأ صحة وفسادا بل الحق أنه عليه الصلاة والسلام صلى بهم بتحريمة مبتدأة كما ذكرنا فإذاً لم يبق لدعواه حجة. وقوله وهو قول عمر ولا يعلم له مخالف من الصحابة غير

الصفحة 317