كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

جمعا بينها وبين سائر الروايات الصحيحة الكثيرة التي لم يذكر فيها التخليل وقد سيقت لبيان صفة الوضوء فلذا ذهب الجمهور إلى استحباب تخليل أصابع اليدين والرجلين، والأكمل في تخليل اليدين أن يضع بطن الكفّ اليمنى على اليسرى ويدخل الأصابع بعضها في بعض وفي الرجلين أن يكون بخنصر اليد اليسرى بادئا بخنصر الرجل اليمنى خاتما بخنصر الرجل اليسرى لما فيه من السهولة والمحافظة على التيامن
(قوله وبالغ في الاستنشاق الخ) أى أتمه بجذب الماء إلى أعلى الأنف وبامتخاطه في كل مرّة إلا أن تكون صائما فلا تبالغ خشية دخول الماء من الخيشوم إلى الحلق فيفسد الصوم فلذا كره للصائم المبالغة في الاستنشاق "فإن قيل" السؤال يقتضى الجواب عن أعمال الوضوء تفصيلا فلم أجمل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الجواب بذكر الإسباغ واقتصر في التفصيل على تخليل الأصابع والمبالغة في الاستنشاق (أجيب) بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علم من حال السائل أنه كان يعلم أصل الوضوء فأجابه بما ذكر مفصلا له ما ظن خفاءه عليه من تخليل الأصابع لأنه قد يضمها فلا يصل الماء إلى ما بينها والمبالغة في الاستنشاق لأن غسل أعلى باطن الأنف غير معلوم.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه لا يجب على من أسلم أن يهاجر من بلاده ومحله حيث كان آمنا على دينه وقادرا على إظهاره. وعلى أنه لا يجب على كلّ فرد أن ينتقل لتعلم أمور الدين بل يكفى أن ترحل طائفة من كل جهة ليتعلموا ثم يعودوا إليهم فيرشدوهم لأن بنى المنتفق لم يهاجروا جميعا بل أرسلوا وفدهم، وعلى أنه يطلب إكرام الضيف بما يليق به ويقدر عليه المضيف، وعلى أنه إن لم يوجد ربّ المنزل يطلب من أهله إن علموا رضاه أن يقوموا بإكرام الضيف مع مراعاة الآداب الشرعية. وعلى أنه يطلب من ربّ البيت إذا حضر ووجد ضيفا أن يسأله هل قدّم له ما يليق به. وعلى أنه يطلب من المضيف أن لا يتكلف للضيف مع إظهار ذلك له خشية الامتنان والرياء. وعلى جواز اقتناء الغنم واتخاذ راع لها وتحديد عددها. وعلى طلب الزهد في الدنيا. وعلى مشروعية سؤال الرئيس مرءوسه عما تحت يده من المال ولو قليلا. وعلى جواز بثّ المرءوس شكواه إلى الرئيس حتى في الأمور التي من شأنها أن تستر عن الغير. وعلى أنه يطلب من الرجل أن يفارق المرأة الوقحة بذية اللسان. وعلى طلب التخلى عن الخصال الذميمة والتحلى بالصفات الحميدة. وعلى جواز مراجعة الصغير الكبير فيما يهمه وعلى أنه يطلب من الرجل أن ينصح امرأته ويهجرها إذا خرجت عن حدّ الأدب. وأن له أن يضربها ضربا خفيفا إذا لم تؤثر فيها الموعظة والهجر وليس له أن يضربها ضربا مبرّحا. وعلى أنه لا مانع من إمساك المرأة البذية إذا ترتب على تركها ضرر أو فوات مصلحة. وعلى أن الانتفاع

الصفحة 90