كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

فإنّ الطحاوى أوجب الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلما سمع ذكره وهو المختار اهـ (وظاهر) الحديث جواز إفراد الصلاة على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من غير كراهة وإلى ذلك ذهب كثيرون. وقال بعضهم يكره إفراد الصلاة عن السلام. لكن لا وجه له. وذكر ابن حجر الهيتمى أن الحق أن المراد بالكراهة خلاف الأولى وقال لأنه لم يوجد مقتضيها من النهى المخصوص اهـ (والصلاة) على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان من المؤذن والسامع تكون سرّا يسمع نفسه ومن يليه. أما رفع الصوت بها على الكيفية التي جرت بها عادة غالب مؤذني أهل زماننا فهو بدعة مخالف لهدى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والخير كله في الاتباع. وقد حدثت هذه البدعة في عهد صلاح الدين يوسف ابن أيوب سنة إحدى وثمانين وسبعمائة في ربيع الأول. وقيل زمن المنصور قلاوون سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (وقال في الدرّ المختار) التسليم بعد الأذان حدث في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمائة في عشاء ليلة الإثنين ثم يوم الجمعة ثم بعد عشر سنين حدث في الكلّ إلا المغرب اهـ (قال) ابن الحاج في المدخل يطلب من إمام المسجد أن ينهى المؤنين عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عند الأذان. وإن كانت الصلاة والتسليم على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أكبر العبادات ولكن ينبغى أن يسلك بها مسلكها فلا توضع إلا في مواضعها التى جعلت لها ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس أعني الجلوس في الصلاة لأن ذلك لم يرد والخير كله في الاتباع. وهي بدعة قريبة الحدوث جدّا اهـ ملخصا
(وقال ابن حجر الهيتمى) قد أحدث المؤذنون رفع الصوت بالصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وآله وسلم عقب الأذان في الفرائض الخمس "إلى أن قال" وقد استفتى مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون فأفتوا بأن الأصل سنة والكيفية بدعة اهـ ملخصا (وقال الشعرانى) نقلا عن شيخه لم يكن التسليم الذى يفعله المؤذنون في أيام حياته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا الخلفاء الراشدين بل كان في أيام الروافض بمصر اهـ ولا يخفى عليك قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ رواه الشيخان والنسائي والمصنف. وفى رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ. وما رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتدّ غضبه حتى كأنه منذر جيش "الحديث" وفيه أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن أفضل الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة

الصفحة 193