كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

التهاون والتكاسل فإنهما في وقت نوم لا ينتهض لله عزّ وجلّ فيهما من فراشه عند لذيذ نومه إلا مؤمن تقيّ ولأنهما في ظلمة الليل وداعي الرياء الذى يصلى لأجله المنافقون منتف لعدم مشاهدة من يراءونه من الناس إلا القليل وليس لهم داع دينىّ حتى يبعثهم ويسهل عليهم الإتيان لهما فانتفى عنهم الباعث الدينى والدنيوى. وأفعل التفضيل يدل على أن الصلوات كلها ثقيلة على المنافقتن كما يدل عليه قوله تعالى "ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى"
(قوله ولو تعلمون ما فيهما الخ) أى لو تعلمون ما فيهما من الأجر والثواب الزائد لأتيتم إلى أدائهما في المسجد جماعة ولو كان الإتيان حبوا على الركب فحبوا خبر لكان المحذوفة. وعدل عن الغيبة إلى الخطاب ليعمّ المنافق وغيره وليبشر المؤمنين بأنهم الفائزون بما ترتب على حضورهما من الفضل لقيامهما بحقهما دون المنافقين
(قوله وإن الصفّ الأوّل الخ) أى في القرب من الله تعالى والبعد من الشيطان على فضل وأجر مثل أجر صفّ الملائكة وفضله. فشبه الصفّ الأوّل في قربهم من الإمام بصفّ الملائكة في قربهم من رحمة الله تعالى. وهذه من مزايا الملائكة فلا يقال إنهم أكثر أجرا وفضلا من الآدميين
(قوله وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى الخ) أى أكثر ثوابا وأبلغ في تكفير ذنوبه من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أكثر ثوابا من صلاته مع الواحد لما في الجماعة وكثرتها من مزيد الفضل والرحمة كما سيأتى ولأن الجماعة فيها الحفظ من وسوسة الشيطان كما تقدّم في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية
(قوله وما كثر فهو أحب الخ) وفي رواية النسائي وما كانوا أكثر فهو أحبّ وما شرطية أى وكلما كثرت الجماعة فهو أحب إلى الله عزّ وجلّ. ويحتمل أن تكون موصولة أى والصلاة التى كثر المصلون فيها أحب إلى الله تعالى. وذكر الضمير باعتبار لفظ ما وفرن الخبر بالفاء لأن الموصول يشبه الشرط في العموم. ومحبة الله تعالى كناية عن رحمته وإحسانه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه ينبغى لإمام القوم أن يتفقد أحوال المأمومين ويسأل عمن غاب منهم، وعلى تأكد الجماعة في العشاء والفجر، وعلى الترغيب في حضور الجماعة فيهما لما فيه من الخير الكثير، وعلى مزيد فضل الصف الأول والترغيب في المبادرة إليه، وعلى أن الجماعة تنعقد بواحد مع الإمام، وعلى أن الجماعة تتفاوت في الفضل بكثرة حاضريها
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى والبيهقى وابن ماجه وأحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وصححه أيضا ابن السكن والعقيلى وابن معين والذهلى

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله تعالى عنه -، قَالَ:

الصفحة 245