كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

كذا قال الطحاوى (وردّ) بأن النهى عن فعل الصلاة مرّتين محمول على أنها فريضة في كل مرّة كما جزم بذلك البيهقي جمعا بين الحديثين (قال في الفتح) بل لو قال قائل إن هذا النهى منسوخ بحديث معاذ لم يكن بعيدا "ولا يقال" القصة قديمة وصاحبها استشهد بأحد "لأن أحدا" كانت في أواخر السنة الثالثة فلا مانع من أن يكون النهى في الأولى والإذن في الثانية مثلا. وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم للرجلين اللذين لم يصليا معه إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة أخرجه أصحاب السنن من حديث يزيد بن الأسود وصححه ابن خزيمة وغيره وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر حياة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ويدلّ على الجواز أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن يصلوها في بيوتهم في الوقت ثم يجعلوها معهم نافلة اهـ ملخصا (ومنها) أن صلاة المفترض خلف المتنفل من الاختلاف وقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تختلفوا على إمامكم (وردّ) بأن الاختلاف المنهى عنه مبين في الحديث بقوله فإذا كبر فكبروا الخ ولو سلم أنه يعمّ كل اختلاف لكان حديث معاذ ونحوه مخصصا له (إذا تأملت) ما ذكر علمت أن الظاهر ما ذهب إليه الأولون. لكن لا يخفى طلب مراعاة الخلاف فالاحتياط عدم صلاة المفترض خلف المتنفل. وهذا كله في اقتداء المفترض بالمتنفل (وأما اقتداء) المتنفل بالمفترض فجائز عند الحنفية والشافعية والحنابلة وممنوع عند المالكية وكذا صلاة فرض خلف مصلّ فرضا آخر ممنوع عند المالكية والحنفية والحنابلة وجائز عند الشافعية
(فقه الحديث) دلّ الحديث على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل وقد علمت ما فيه، وعلى جواز تكرار الصلاة في جماعة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والطحاوى في شرح معانى الآثار والشافعى والدارقطنى مطوّلا بألفاظ متقاربة

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «إِنَّ مُعَاذًا، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ»، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ
(ش) هذه الرواية أخرجها البيهقى من طريق بشر بن موسى قال ثنا الحميدى ثنا سفيان ثنا عمرو بن دينار وأبو الزبير كم شاء الله أنهما سمعا جابر بن عبد الله يقول كان معاذ بن جبل يصلى مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه بني سلمة فيصليها بهم وإن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخر العشاء ذات ليلة فصلاها معاذ معه ثم رجع

الصفحة 325