كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر. قالوا وهي صريحة في أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان الإمام لأنه جلس عن يسار أبى بكر ولقوله يصلى بالناس ولقوله وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقالوا إن حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا ناسخ لحديث الباب. وأنكر أحمد النسخ وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين (إحداهما) إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعد المرض يرجى برؤه فيصلون خلفه قعودا (ثانيتهما) إذا ابتدأ الإمام الراتب قائما لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قياما سواء أطرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن تقريره لهم على القيام دلّ على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائما وصلوا معه قياما بخلاف الحالة الأولى فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ابتدأ الصلاة جالسا فلما صلوا خلفه قياما أنكر عليهم (وذهبت) المالكية إلى أنه لا تصح صلاة القادر على القيام خلف العاجز عنه سواء أصلى المأموم قائما أم قاعدا لأن القيام ركن من أركان الصلاة فلا يسقط عن القادر عليه. وهذا ظاهر بالنسبة لمن صلى قاعدا. أما بالنسبة لمن صلى قائما خلف القاعد فلنقص حالة الإمام عن المأموم. وعن مالك فيما إذا صلوا وراءه قياما روايتان أشهرهما عدم صحة الصلاة. وإن كان المأموم عاجزا عن القيام كالإمام فالصلاة صحيحة باتفاق كما قاله ابن رشد (وأجابوا) عن حديث الباب بأنه منسوخ بحديث عائشة وحديث عائشة خاص برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حكى ذلك القاضى عياض وقال لا يصح لأحد أن يؤمّ جالسا بعده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو مشهور قول مالك وجماعة من أصحابه وهذا أولى الأقاويل لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يصح التقدم بين يديه في الصلاة ولا في غيرها لا لعذر ولا لغيره. وروى ابن حبيب عن مالك أن حديث عائشة منسوخ لترك أبى بكر وعمر وعثمان الإمامة حال الجلوس (قال) في المدونة سألنا مالكا عن المريض الذى لا يستطيع القيام يصلى جالسا ويصلى بصلاته ناس قال لا ينبغى لأحد أن يفعل ذلك وحدثني عن على عن سفيان عن جابر بن يزيد عن الشعبي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يؤمّ الرجل القوم جالسا اهـ ويدل لهم على النسخ ما رواه البيهقي من طريق سفيان بن عيينة عن جابر عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يؤمنّ أحد بعدى جالسا قال على بن عمر لم يروه غير جابر الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا تقوم به حجة (وقال) الشافعى إن الحديث لا يثبت لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية ركوب الخيل، وعلى أنه صلى الله تعالى عليه

الصفحة 328