كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 7)

وَأَنَا أُصَلِّي فِيهَا بِحَمْدِ اللهِ فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ. فَقَالَ "انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ". فَقُلْتُ لاِبْنِهِ كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ قَالَ كَانَ يدخلُ الْمَسْجِدَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ فَلاَ يَخْرُجُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ وَجَدَ دَابَّتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَلَحِقَ بِبَادِيَتِهِ.
(ش) (زهير) بن معاوية تقدم بالأول صفحة 112. و (ابن عبد الله بن أنيس) هو ضمرة المذكور في سندالحديث السابق
(قوله إن لي بادية الخ) يعني أن لي سكنًا بالبادية أقيم فيه وأصلى إمامًا بأهلها فدلني علي ليلة ذات شأن من شهر رمضان أنزل فيها إلى المسجد النبوى لإحيائها بعبادة الله فيه لأجمع بين فضيلتي الزمان والمكان، وفي رواية ابن نصر مرني بليلة من هذا الشهر أنزلها إلى المسجد فأصليها فيه فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنزل إلى المسجد ليلة ثلاث وعشرين زاد ابن نصر في روايته فصلها فيه فإن أحببت أن تستتم أخر الشهر فافعل وإن أحببت فكف ولعل اختياره صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم لتلك الليلة لكونها ليلة القدر
(قوله فقلت لابنه الخ) أي قال محمَّد بن إبراهيم لضمرة بن عبد الله كيف كان يصنع أبوك وقت نزوله المسجد في هذه الليلة قال كان إذا صلي عصر اليوم الثاني والعشرين في البادية خرج منها إلى المسجد فلا يخرج منه لحاجة غير ضرورية حتى يصلي الصبح رغبة في الخير، وفي رواية ابن نصر فلم يخرج إلا في حاجة يعني إلا لحاجة ضرورية كالبول والغائط
(وفي الحديث) دليل على أن ليلة القدر ليلة الثالث والعشرين من رمضان، وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عبد الله بن أنيس، فقد روى محمَّد بن نصر من طريق معاذ بن عبد الله عن أخيه قال جلس إلينا عبد الله بن أنيس فقلنا هل سمعت من رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم في هذه الليل المباركة من شيء قال نعم جلسنا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في أخر هذا الشهر فقلنا له يا رسول الله متى نلتمس هذه الليلة المباركة قال التمسوا هذه الليلة لمساء ثلاث وعشرين فقال رجل من القوم فهي إذا أولى ثمان قال إنها ليست بأولى ثمان ولكنها أولى سبع إن الشهر لا يتم
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه ابن نصر وفي سنده محمَّد بن إسحاق وحديثه صحيح إذا صرّح بالتحديث كما هنا وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده مرفوعًا عن رجل من بني بياضة له صحبة قال قلت يا رسول الله إن لي بادية أكون فيها فمرني بليلة القدر فقال أنزل ليلة ثلاث وعشرين

الصفحة 326