كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)
وَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا.
(ش) (قوله قرأ سورة النجم) وكان ذلك في مكة كما صرح به في رواية للبخاري عن غندر وهي أول سورة نزلت فيها آية السجدة كما في رواية للبخاري عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود قال أول سورة أنزلت فيها سجدة النجم الخ
(قوله فسجد فيها) أي سجد عواقب الفراغ منها وفي نسخة فسجد بها أي بسبب تلاوتها
(قوله وما بقي أحد من القوم إلا سجد) المراد بالقوم الإنس والجن مؤمنهم ومشركهم كما في رواية للبخاري عن ابن عباس وفيها أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. وسجد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم امتثالًا لأمر الله تعالى بالسجود في قوله (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) , وشكرًا للنعم العظيمة المعدودة في السورة, وسجد المؤمنون تبعًا له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم, وسجد المشركون لسماع أسماء آلهتهم من اللات والعزى أولما ظهر من سطوة سلطان العز وسطوع الأنوار العظيمة والكبرياء من توحيد الله عز وجل وصدق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى لم يبق لهم شك ولا أثر جحود واستكبار إلا من كان أشقى القوم وأطغاهم وهو من أخذ كفًا من حصى أوتراب فرفعه إلى وجهه. قال القاضي عياض أما ما يرويه الأخباريون والمفسرون أن سبب ذلك ما أجرى الله عَزَّ وَجَلَّ على لسان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الثناء على آلهة المشركين فباطل لا يصح فيه شيء من جهة النقل ولا من جهة العقل لأن مدح إله غير الله عَزَّ وَجَلَّ كفر لا يصح نسبة ذلك إلى لسان نبي ولا أن يمر به الشيطان على لسان نبي ولا يصح تسلط الشيطان على ذلك لأنه داعية إلى الشك في المعجزة وصدق الرسول اهـ
(قوله فأخذ رجل الخ) هو أمية بن خلف كما في رواية للبخاري في كتاب التفسير عن ابن مسعود. وقيل هو المطلب بن أبي وداعة كما رواه النسائي عنه قال قرأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم النجم فسجد وسجد من معه فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ولم يكن يومئذ أسلم المطلب. ويمكن الجمع بينهما بأن كلا من أمية ابن خلف والمطلب لم يسجد وأن ابن مسعود لم ير المطلب ورأى أمية فأخبر عمن رآه, أو خص ابن مسعود أمية بالذكر لأنه هو الذي أخذ كفًا من التراب أو الحصى دون الآخر. وييده ما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي قال سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة
(قوله يكفيني هذا) يعني عن السجود على الأرض, وصنع ذلك كبرًا أو ظنًا منه أن المقصود منه التواضع والانقياد لله تعالى بوضع أشرف الأعضاء على الأرض
(قوله فلقد رأيته بعد ذلك قتل كافرًا) وذلك يوم بدر
(وفي هذا الحديث) الرد على من قال إن المفصل لا سجود
الصفحة 26
352