كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)
أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عزم على عدم السجود في المرة الثانية. لكن يقال إن عزمه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على عدم السجود في المرة الثانية يدل على أنها ليست متأكدة فقط لا على أنها ليست سجدة تلاوة, قال في بدائع الصنائع وما تعلق به الشافعي فهو دليلنا فإنا نقول نحن نسجد ذلك شكرًا لما أنعم الله على داود بالغفران والوعد بالزلفى وحسن المآب ولهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله وأناب بل عقيب مآب وهذه نعمة عظيمة في حقنا فإنه يطمعنا في إقالة عثراتنا وغفران خطايانا وزلاتنا فكانت سجدة تلاوة لوجود سببها وهو تلاوة هذه الآية وكذا سجدة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الجمعة الأولى أثناء الخطبة تدل على أنها سجدة تلاوة وتركه في الجمعة الثانية لا يدل على أنها ليست سجدة تلاوة بل كان يريد التأخير وهي عندنا لا تجب على الفور اهـ بتصرف
(والحديث) أخرجه أيضًا الحاكم وابن خزيمة والبيهقي والدارقطني
(باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة)
أيسجد على الدابة أم ينزل للسجود وفي بعض النسخ إسقاط قوله أو في غير صلاة
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجُمَاهِرِ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ- عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الأَرْضِ حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ.
(ش) (عبد العزيز) بن محمَّد الدراوردي تقدم بالأول صفحة 23
(قوله قرأ عام الفتح سجدة) أي سورى فيها آية سجدة. ووقع في رواية الطبراني عن مصعب بن نافع أن التي قرأها سورة النجم, ويحتمل أنه اقتصر على قراءة آية السجدة لبيان الجواز لأن الاقتصار عليها خلاف الأولى لما فيه من إيهام تفضيل آية السجدة على غيرها فيستحب أن يقرأ معها آيات ليكون أدل على المعنى وعلى أن قصده القراءة لا لمجرد السجود
(قوله منهم الراكب والساجد في الأرض الخ) وفي رواية الحاكم والساجد على الأرض والمراد سجد الراكب والماشي فالماشي يسجد على الأرض والراكب على يديه, ولعل ذلك فيمن لم يتمكن من السجود على السرج
(وفيه) دليل على جواز سجود التلاوة على اليد لمن كان راكبًا على دابته. ومثله من كان به عذر كزحام فسجد على فخذه أو على غيره ولو وضع كفه على الأرض وسجد عليها جاز عند الحنفية على الصحيح
الصفحة 32
352