كتاب المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (اسم الجزء: 8)

(ص) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا.
(ش) (قوله أنا عبد الله بن عمر عن نافع) وفي نسخة عبيد الله بن عمر بدل عبد الله كما في الرواية السابقة وهو الأظهر كما يفهم من التقريب والخلاصة
(قوله كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ علينا القرآن) أي ليعلمنا الأحكام والوعد والوعيد وأخبار السابقين وكيفية تلاوته
(قوله فإذا مر في قراءته بآية سجدة كبر) يعني للهوى لسجود التلاوة, وهذا متفق عليه واتفقوا أيضًا على التكبير عند الرفع من السجود. هذا إذا كان في الصلاة. أما إذا كان في غير الصلاة فجمهور الفقهاء يقولون بهذا التكبير. واختلف قول مالك فيه. ولم يذكر في الأحاديث ما يدل صريحًا على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كبر للإحرام في سجود التلاوة ولا تشهد فيها ولا سلم منها. وإلى ذلك ذهبت المالكية والحنفية وأكثر العلماء. وذهب الشافعية في المشهور عنهم إلى أنه إذا كان خارج الصلاة يكبر للإحرام ويرفع يديه ويسلم. وزاد بعضهم التشهد فيها
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي. وفي إسناده العمري عبد الله المكبر وهو ضعيف وأخرجه الحاكم من رواية العمري عبيد الله المصغر وهوثقة ولهذا قال على شرط الشيخين

(ص) قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ يُعْجِبُهُ لأَنَّهُ كَبَّرَ.
(ش) أي إنما أعجبه لأنه ذكر فيه التكبير لسجود التلاوة دون غيره من أحاديث الباب
(فوائد) _ (الأولى) يستفاد من أحاديث الباب أن السامع لآية السجدة يسجد إذا
سجد القارئ. قال ابن بطال أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد اهـ.
وقد اختلف في اشتراط قصد السماع لآية السجدة. فذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط قصد الاستماع بل المدار على السماع لآية السجدة. وذهب مالك وأحمد إلى أنه يشترط قصد الاستماع.
ويشهد لهم ظاهر أحاديث الباب فإن الظاهر أن القوم قصدوا الاستماع منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ويدل لهم أيضًا ما رواه البخاري تعليقًا من قول عثمان إنما السجدة على من استمعها. ووصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان مرّ بقاصّ فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان فقال عثمان إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد.

الصفحة 34